محمد رضا اللواتي
ليست قليلة هي، تلك المحاكم التي وقف فيها الأبرياء متهمين بلا ذنب، ولعل أقل منها تلك التي وقف فيها العلماء والحكماء لكي يتم محاسبتهم لعلمهم وحكمتهم ولاكتشافاتهم، والنادرة منها تلك التي وقف فيها أهالي بيوت الأنبياء وذراريهم يتهمون أمام مرأى أممهم ومسمع، بأبشع التهم.
وسوف ننقل صورا بحبكة "الدراما التاريخية" (Historical Drama) من محاكمة من النوع الثاني، انعقدت في نحو 399 ق.م بأثينا، كان الأسير المكبل بالسلاسل فيها سقراط الملقب "بحكيم وفيلسوف أثينا" الشهير، وصورًا من محاكمة من النوع الثالث، وقعت في الشام عام 61 للهجرة، كانت الأسيرة المربطة بالحبال فيها زينب بنت علي بن أبي طالب الملقبة بـ"عقيلة الهاشميين"، وابن أخيها زين العابدين مغلولًا بالحديد، ومعهما نساء وأطفال من آل بيت نبي الأمة، مربوطين بالحبال.
وفي طرف القاعة الكبرى لمحكمة أثينا الديمقراطية، وقف كل من مليتس وأنيتس ووليقون يرافعون، متهمين سقراط "بالحكمة" و"بالإلحاد" و"إفساد عقول الشباب"!
بينما وقف في طرف قاعة الحكم في الشام، زحر بن قيس وشمر بن ذي الجوشن (محقن بن ثعلبة)، الذي صاح بأعلى صوته يقول: "لقد أتيتك يا أمير المؤمنين باللئام الفجرة"!
وفي الطرف المقابل في محكمة "أثينا"، وقف أقريطون صديق سقراط العزيز. بينما وفي الطرف المقابل في القصر "بالشام"، وقف كل من النعمان بن بشير الأنصاري، وزيد بن أرقم، وأبو بررة الأسلمي -من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- الذين ما إن شاهدوا رأس سبط النبي تعلوه الخيزرانة حتى صاحوا معترضين، وكان أرفعهم صوتًا الأسلمي الذي قال: "لقد رأيت النبي يرشف ثناياه وأخيه الحسن، وهو يقول أنتما سيدا شباب أهل الجنة"، فيرد عليه الملك من منصة الحكم قائلًا: "لولا صحبتك لرسول الله لضربت عنقك"، فيجيبه الأسلمي: "تحفظ صحبتي برسول الله، ولا تحفظ لابن رسول الله بنوته"؟!
القضاة ذوو اللحى المتدلية كتدلي أعناقهم على الصحائف التي كانوا ينظرون فيها، أشاروا إلى مليتس فنهض يتلو التهمة الأولى وهي "ادعاء الحكمة"!
"إنني أسير وفقًا لما يرسمه الله لي، ضالتي الحكمة أفتش عنها أينما كانت، فإن لم أجدها لدى من ادعى، صارحته بجهله، وهذا الذي يريده الله مني. ولكن: هل تساءلتم يومًا ما هي جريرتي هذه التي يسمونها "الحكمة"؟ دعوني إذن أفصح عنها: نعم، إن لي ضربًا من ضروب الحكمة، إنها إدراك سقراط أن حكمته في حقيقة الأمر "لا تساوي شيئًا"، هذا الأمر لم يدركه مدعو الحكمة. إنهم يظنون بما أنهم أكفاء في مهنهم، فهم ملمون بكل ضروب المعرفة السامية، في حين قد أدركت أني خير منهم حالًا لأنني فهمت أن ما بيدي من حكمة هي علمي بأني "لا أملك منها شيئًا" يستحق الحديث عنه؛ لذلك صرت أحكم الناس!
يا أبناء "أثينا" فهل هذا جرمي؟ جرمي أني أصارح من لا أجده يتواضع للحكمة بأنه ليس يملك منها شيئًا؟ هل أن جرمي أني لا أقول إنني أعلم بخبر السماء والأرض، في حين أن غيري يدعي ذلك وليس له عليها برهان"؟ بهذه الكلمات رد "سقراط" عن نفسه التهمة.
أما في "الشام"، فنظر الملك إلى زين العابدين، وقال له: "الحمد لله الذي أذل أباك وجدك وسفك دماءهما"، فرد زين العابدين يقول: "إنك لو تدري ما صنعت من أبي وأهل بيتي لهربت في الجبال، وفرشت الرمال، ودعوت بالويل والثبور، فأبشر بالخزي والندامة غدًا إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه".
ولننتقل إلى أثينا؛ حيث كان القاضي الذي بدت عيناه أنهما ذاقتا من طعم السهاد بليغًا، يشير إلى أنيتس بالكلام، فقام يقول بأن "الحكيم الملحد" كان يتقاضى الأجور على تعليمه الناس!
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان