الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي
تقتضي طبيعة الحياة الدنيا وقوع حوادث تضع المرء أمام مفترق طريقين أو عدّة طرق، ما يحتّم عليه أن يختار طريقاً محدّداً.
ويُطلق القرآن الكريم على هذه الحالة كلمة «الامتحان» أو «الابتلاء»: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ..﴾ (محمّد: 31). وقد يُقال «الفتنة»، كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا..﴾. (النحل:110)
والفِتْنَة لغةً، إحراق الفضة بالنار لتخلص من الشوائب، فاستُعير اللفظ للتعبير عن حالة القلق التي تُصيب المرء، فلا يدري كيف يصنع، وإلى مَن ينحاز، لا سيّما متى كان الموضوع على درجة من الإبهام والخَفاء، بحيث يصعب عليه تحديد واجبه وتكليفه. وهذه الحال هي الفِتْنَة بعينها.
والإنسان معرّض، على مدار الساعة، للاختبار والابتلاء، فلا تكاد تمرّ عليه لحظة واحدة إلّا ويخوض فيها مَعْمَعَة امتحانٍ ما؛ فيجدر بالمرء، بناء على ما تقدّم، أن يستبدّ به القلق، لا سيّما إذا استحضر مدى تأثير أفعاله في تحديد عاقبته ومصيره؛ فإمّا من أصحاب الجنّة أو من أصحاب السعير. كلّ ذلك، وهو يجهل نتيجة الامتحان الذي يخوضه.
إذاً، يتعيّن على الإنسان العاقل أن يكون في اضطرابٍ دائم. وليس المراد من «خوف الله تعالى» و«التقوى»، إلّا هذا المعنى المتقدّم.
أهداف الامتحان الإلهيّ
قد يتبادَر إلى الذهن السؤال التالي: ما الجَدوى من الامتحان الإلهي؟
الجواب: إنه من أجل أن يكسب الإنسان مزيداً من الأهليّة.
ولك أن تسأل: المزيد من الأهليّة، لأيّ شيء؟
والجواب: من أجل أن يظفرَ بثواب أكبر، وأجر أسمى، يصعب على عقولنا إدراك نهايته. وكلّ ما يسعنا قوله، على نحو الإجمال، أن يستحقّ الإنسان منزلة القُرب من الله تعالى، وهو الهدف النهائيّ من الخلقة.
وعليه، فإنّ الهدف الأوليّ من الخِلقة هو: الامتحان والابتلاء. ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ...﴾. (الملك:2)
والهدف الثاني: نيل الثواب والجنّة.
أمّا الهدف البعيد والنهائيّ فهو: الوصول إلى القرب الإلهيّ.
وهذه الأهداف يترتّب أحدها على الآخر، وتُعدّ جميعها من أهداف الخِلقة. يقول تعالى ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ..﴾ (هود:119). لقد خلق الله الإنسان للرحمة، وهي رحمة لا يملك حتّى الملائكة ظرفيّة نيلها.
كيفيّة الامتحان الإلهيّ
يعبّر القرآن الكريم في بعض آياته عن كيفيّة الامتحان أو الابتلاء الإلهيّ بقوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (الكهف: 7)؛ وبناءً عليه، فإنّ كلّ ما يجذب الإنسان ويجلب انتباهه من المأكولات والمشروبات والملبوسات فإنّه يصنّف ضمن وسائل الاختبار.
الأغرب من ذلك أن الناس، أنفسهم، قد جُعلوا أسباب امتحان لبعضهم البعض؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿..ليَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ..﴾. (محمّد: 4).
إذاً، فكلّ النِّعَم والنِّقم في هذا العالم هي وسائل للامتحان، وبعبارة أخرى: إنّ الكون بأسره هو مختبَر للإنسان، ونحن بدخولنا إلى هذا العالم، إنّما نَلِجُ مختبَراً عظيماً.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان