من التاريخ

حزن الإمام زين العابدين

 

الشيخ باقر شريف القرشي
خلد الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى البكاء ليلًا ونهارًا حزنًا على أبيه وأهل بيته، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : إن جدي علي بن الحسين بكى على أبيه عشرين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى‏ وعذله بعض مواليه فقال له: إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين .
فقال الإمام برفق: يا هذا {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86] ‏إن يعقوب كان نبيًّا فغيب الله عنه واحدًا من أولاده وعنده اثنا عشر ولدًا وهو يعلم أنه حي فبكى عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن وإني نظرت إلى أبي وأخوتي وعمومتي وصحبتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟ وإني لا أذكر مصرع ابن فاطمة إلا خنقتني العبرة وإذا نظرت إلى عماتي وأخواتي ذكرت فرارهن من خيمة إلى خيمة.
ويزداد وجيب الإمام وتتضاعف الآمه حينما كان ينظر إلى الماء فإنه كان يذكره بعطش أبيه وأهل بيته ويقول الرواة: إنه كان إذا أخذ ماء ليشرب بكى فقيل له في ذلك؟ فقال: كيف لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقًا للسباع والوحوش‏ .


لقد كان دائم البكاء على أبيه وقد قيل له: إنك لتبكي دهرك فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا فقال: نفسي قتلتها وعليها أبكي‏.
وقد أشفق عليه جماعة من مواليه وأهل بيته من كثرة بكائه على أبيه فقال له بعضهم: أما آن لحزنك أن ينقضي؟ .
فرد عليه الإمام قائلًا: ويحك إن يعقوب النبي كان له اثنا عشر ابنا فغيب الله واحدًا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه واحدودب ظهره من الغم وكان ابنه حيًّا في الدنيا وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟ لقد ذابت نفسه الزكية أسى وحزنًا على أبيه وأهل بيته وأصحابه الذين حصدت رؤوسهم سيوف البغي بصورة قاسية لم يعهد لها مثيل في تأريخ الحروب.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد