من التاريخ

من تباشير الثّورة والثّائرين بعد واقعة كربلاء

الشيخ باقر شريف القرشي  

 

لقد أثارت كارثة كربلاء موجة رهيبة من القلق النفسي والانفعالات العميقة، التي سيطرت على نفوس المسلمين ودفعتهم إلى العمل السياسي والتكتل الاجتماعيّ للإطاحة بالحكم الأمويّ، والانتقام من السّفكة المجرمين.

لقد كانت الأرض تستعر حربًا منذ قتل الحسين عليه السلام، فقد هبّت الشعوب الإسلامية (ثائرة) كالمارد الجبّار، وهي تعلن سخطها العارم على الحكم الأمويّ، وتعمل على سقوطه ومن بين هذه الثورات:

 

1 ـ ثورة عبد اللّه بن عفيف: وهي أول ثورة في الكوفة بعد قتل الإمام عليه السلام مباشرة، قام بها البطل العظيم عبد اللّه بن عفيف الأزدي، فكان أول من أطلق شرارة الثورة، وأحال النصر الكاذب الذي أحرزه ابن مرجانة إلى هزيمة.

 

2 ـ ثورة المدينة: الشيء المحقق، أنّ الثورة في يثرب كانت امتدادًا لثورة أبي الشهداء (عليه السلام) فقد كانت النفوس تغلي كالمرجل غيظًا وحنقًا على يزيد، لانتهاكه حرمة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في قتله لعترته وسبيه لذراريه، وقد أفعمت القلوب حزنًا وألـمًا حينما رجعت سبايا أهل البيت (عليهم السلام) إلى المدينة، وجعلت تقص على أهلها ما جرى على ريحانة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من عظيم الرزايا وفوادح الخطوب، وما عانته عقائل النبوة ومخدرات الوحي من الأسر والسبي.

 

لقد كانت شقيقة الحسين وحفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله) زينب تلهب العواطف للطلب بثأر أخيها، وقد رأى أهل المدينة أن الخروج على يزيد واجب شرعي فخلعوا بيعته رسميًّا، وأعلنوا الثورة على حكومته، وقد عهد يزيد إلى المجرم الأثيم مسرف بن عاقبة المري باحتلال يثرب، وضم إليه جيشًا مكثفًا قوامه اثنا عشر ألفًا من أهل الشام، وقد أمره أن يبيحها لجنده ثلاثة أيام، يصنعون بأهلها ما يشاءون وينهبون من أموالهم ما يحبون، وزحف مسرف بجنوده الى المدينة، فاحتلها وقد أباحها لجنده ثلاثة أيام، فقتلوا ونهبوا واستباحوا كل ما حرمه اللّه، ثم أخذ البيعة من أهلها على أنهم خول ليزيد، ومن أبى ضربت عنقه، وقد حدثت من الرزايا في تلك الواقعة ما تذوب منه النفوس، وقد ذكر المؤرخون صورًا مروعة ومحزنة مما حل بالمدنيين، فكانت هذه الكارثة كفاجعة كربلاء، وقد دفعت الشعوب الإسلامية إلى التكتل السياسي للعمل ضد الحكم الأموي والإطاحة به.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد