من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

متى تحرّر سلمان الفارسيّ؟ (4)

دور خليسة في عتق سلمان

وقد جاء في بعض روايات عتق سلمان: أنه كان لامرأة اسمها خليسة، كانت قد اشترته، ثم بعد أن أسلم سلمان أرسل إليها رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام»، يقول لها: إمّا أن تعتقي سلمان، وإمّا أن أعتقه؛ فإن الحكمة تحرمه عليك.

فقالت له: قل له: إن شئت، أعتقته، وإن شئت فهو لك.

قال رسول الله: أعتقيه أنت؛ فأعتقته.

قال: فغرس لها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثلاثمائة فسيلة..

وفي لفظ آخر: فقالت: ما شئت؛ فقال: أعتقته..

 

ونقول:

1 - إن الرواية التي قدمناها في مكاتبته لمولاه على غرس النخل، حتى تطعم، وعلى أربعين أوقية.. وغير ذلك مما دل على أن الرسول «صلى الله عليه وآله» قد اشتراه، وأعتقه، ينافي ذلك..

2 - إن كتاب المفاداة المتقدم ينافي ذلك أيضاً، لأنه كتب باسم عثمان بن الأشهل القرظي..

إلا أن يدعى: أن خليسة كانت زوجة لعثمان هذا، أو من أقاربه، أو غير ذلك، فلا مانع من كتب الكتاب باسمه نيابة عنها.

ولكن ذلك يبقى مجرد احتمال، يحتاج إلى شاهدٍ وعاضد، وهو مفقود.

3 - لماذا يأمرها النبيّ «صلى الله عليه وآله» بعتق سلمان، ولم يأمر غيرها؛ من الذين كانوا يملكون أرقاء مسلمين؟!

4 - ما معنى قوله: إما أن تعتقيه أنت، أو أعتقه أنا؛ فهل يريد «صلى الله عليه وآله» استعمال ولايته في هذا المجا ؟!

5 - وإذا كانت قد أسلمت قبل أن يرسل إليها بهذا الأمر؛ فما معنى قوله «صلى الله عليه وآله»: فإن الحكمة تحرمه عليك؟!

فهل كانت قد تزوجته، ولا يصح تملك المرأة لزوجها؟ أم أنه كان أباً لها؟! أم ماذا؟!

هذا مع أنه حتى لو فرض ذلك، فإنه ينعتق عليها قهراً في الفرض الثاني، وينفسخ النكاح في الفرض الأول..

6 - وإذا كانت لم تملكه لأنه كان حراً، وقد ظلموه؛ فباعوه لها؛ فإن ذلك لو صح أنه كافٍ في ذلك؛ لمنع من أصل عبوديته؛ فلا حاجة بعد ذلك لعتقه، لا من قبله «صلى الله عليه وآله»، ولا من قبلها..

7 - وإذا كانت تملكه، ولا بد من عتقه؛ فلماذا لا يشتريه منها؟ أو لماذا لا تكاتبه هي؟! ولماذا تؤمر بعتقه من الأساس؟! إلا على سبيل الحث والترغيب في الأجر، لا على سبيل التهديد، وبأسلوب القهر..

9 - وما معنى التناقض في رواية عتقها له تارة، وعتق النبيّ «صلى الله عليه وآله» نفسه له تارة أخرى؟!

 

بقي علينا أن نعرف: من الذي حرّر سلمان؟

هناك نصوص كثيرة تفيد: أن النبيّ «صلى الله عليه وآله» هو الذي حرّر سلمان من الرق.

1 - وقد عدّه كثير من العلماء والمؤرخين من موالي رسول الله «صلى الله عليه وآله».

2 - وعن بريدة : «كان لليهود؛ فاشتراه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يغرس له نخلاً، يعمل فيها سلمان حتى تطعم، فغرس رسول الله «صلى الله عليه وآله» النخل».  

3 - وسئل الشعبي: هل كان سلمان من موالي رسول الله؟ قال: نعم. أفضلهم. كان مكاتباً؛ فاشتراه؛ فأعتقه.  

4 - وقال الخطيب البغدادي: «أدى رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتابته، قهر إلى بني هاشم»..

5 - وقال المبرد: «وكان «صلى الله عليه وآله» أدى إلى بني قريظة مكاتبة سلمان، فكان سلمان مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فقال علي بن أبي طالب «عليه السلام»: سلمان منّا أهل البيت».  

6 - وقال أبو عمر: «..وقد روي من وجوه: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» اشتراه على العتق».  

7 - وتقدم كتاب المفاداة، الذي ينص على أن ولاء سلمان هو لمحمّد بن عبد الله رسول الله، وأهل بيته، فليس لأحد على سلمان سبيل..

8 - وفي مهج الدعوات، في حديث حور الجنة وتحفها، مسنداً عن فاطمة «عليها السلام»، قالت: فقلت للثالثة: ما اسمك؟

قالت: سلمى

قلت: ولم سميت سلمى؟

قالت: خلقت أنا لسلمان الفارسي، مولى أبيك رسول الله «صلى الله عليه وآله».  

9 - وفي رسالة سلمان إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، كتب له سلمان: من سلمان مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

10 - وروى الحاكم أن علي بن عاصم ذكر في حديث إسلام سلمان: أنه كان عبداً؛ فلمّا قدم النبيّ «صلى الله عليه وآله» المدينة، أتاه فأسلم؛ فابتاعه النبيّ «صلى الله عليه وآله»، وأعتقه.  

11 - وفي حديث سلام سلمان على أهل القبور، قال «رحمه الله»: سألتكم بالله العظيم، والنبيّ الكريم، إلا أجابني منكم مجيب؛ فأنا سلمان الفارسي، مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله».  

12 - وعن ابن عباس قال: رأيت سلمان الفارسي «رحمه الله» في منامي؛ فقلت له: يا سلمان، ألست مولى النبيّ «صلى الله عليه وآله» ؟

قال: بلى؛ فإذ عليه تاج من ياقوت إلخ...

13 - هذا بالإضافة إلى الحديث الذي يقول سلمان في آخر : فأعتقني رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسماني سلماناً...

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد