السيد محمد باقر الصدر ..
حينما وضع الإسلامُ مبدأ خلافة الإنسان على الأرض لم يضعها مجرّدة من أهدافها الصالحة، بل وضع تصوّراً وقيماً لهذه الأهداف، بحيث أدّت إلى انقلاب عظيم على التصوّرات والمفاهيم حول ملكيّة الإنسان للثروة في عصر الجاهليّة، الأمر الّذي ترتّب عليه انقلاب شامل لكلّ الوسائل والأساليب في تملّك الثروة والسيطرة عليها فضلاً عن استثمارها وتنميتها.
وبعبارة أخرى: إنّ المجتمعات الجاهليّة لا تنظر إلى الحياة إلّا من خلال شوطها القصير الّذي ينتهي بالموت، ولا تُدرك ذاتَها ومتَعَها إلّا من خلال إشباع ما لدى الإنسان من غرائز وشهوات، وهي على هذا الأساس تجد في المال بوصفه مالاً، وفي تجميعه وادّخاره والتنافس فيه الهدف الطبيعيّ الّذي يضمن للإنسان القدرة على امتصاص أكبر قدر ممكن
من إمكانات الحياة المادّيّة والخلود (النسبيّ) فيها.
وكان هذا التصوّر للحياة ولدور المال فيها الأساس لكلِّ ما زخرت به المجتمعات الجاهليّة من محاولات الاستزادة والتكاثر، وألوان التناقض والاستغلال، لأنّ مسرح الحياة المادّيّة محدود، والأوامر معدودة، واللاعبون كثيرون، وصاحب الحظّ السعيد من يحصل على أكبر عدد من تلك الأوراق ولو على حساب الآخرين.
ولإزالة هذا التصوّر والمفهوم الجاهليّ - بثوبيه القديم والحديث - واستئصال جذوره النفسيّة من الإنسان، قام الإسلام بشجب المال وتجميعه، وادّخاره والتكاثر فيه كهدف، ونفي أيّ دور له في تخليد الإنسان أو منحه وجوداً حقيقيّاً أكبر.
يُقدّم لنا القرآن الكريم صوراً عديدة ضمن عدد من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى:
ـ ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾.
ـ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ *حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ...﴾.
ـ ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
قيمة الإنسان
ولم يقتصر الإسلام على شجب أهداف الجاهليّة وقيمها عن الحياة - كما تبيّن لنا من خلال الآيات السابقة - بل وضع بدلاً عنها الهدف الّذي يجب أنْ تسير الإنسانيّة في اتّجاهه.
قال سبحانه: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾.
في هاتين الآيتين الكريمتين وضع الله عزَّ وجلَّ بدلاً عن المثل والقيم بالمقاييس الجاهليّة - ألا وهي كثرة المال والثروة - مقياس (الأحسن عملاً) كمثل أعلى وهدف أوّليّ، وحثّ الناس على التنافس فيما بينهم ضمن هذا المقياس الربّانيّ من خلال التسابق نحو العمل الصالح والأحسن، قال تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
ولكي يقوم هذا الهدف الجديد على أساس واقعيّ ومتين، أعطى الإسلام نظرة جديدة للحياة الدنيا، فربطها بعالم غير منظور حسيّاً وهو عالم الحقّ، عالم الآخرة، حيث تخلد فيه الأعمال الصالحة والحسنة وليس كثرة المال واكتناز الثروة، بل جعل المولى عزَّ وجلَّ إنفاق المال والثروة في سبيله وإعلاء كلمته تجارة مربحة، فضلاً عن قابليّتها للنموّ وإثراء روح الإنسان في الدنيا والآخرة:
﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾.
﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ جعفر السبحاني
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
أحمد الرويعي
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
ما يذكره بعض الخطباء في وداع الأكبر (ع)
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (2)
تلبسنا الحرب لامتها من جديد
عليّ الأكبر: وارث شمائل العترة
التّريويّ أيمن الغانم: عاشوراء مدرسة ثقافيّة وتربويّة وعلميّة
مقاطع فنّيّة عاشورائيّة للفنّان علي الجشّي
مقاطع عاشورائيّة للشّاعر زكي السّالم تحكي بعضًا من فصول كربلاء
كلمة بعنوان: (الفنّ للإنسانية)، للفنّان الضّامن في حسينيّة الإمام الصّادق بأمّ الـحمام
الموادّ البلاستيكيّة وتأثيرها على الصحّة
عناصر النهضة الحسينية