مقالات

خير أسوة للمرأة الصالحة


إن فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام كانت وستكون إلى يوم القيامة خير أسوة للمرأة الصالحة، في أعمالها، في عباداتها، في فضائلها، في تقواها، في تربيتها، في حجابها، وفي كل شؤونها.


الرسول صلى الله عليه وآله يربي فاطمة عليها السلام
وكان الرسول صلى الله عليه وآله بنفسه الشريفة يعتني بابنته الطاهرة ويربيها تربية صالحة، حتى ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذات مرة جاء إلى بيت فاطمة عليها السلام فرأى على باب بيتها ستراً.. ورأى بيد الحسن والحسين أسورتين من فضة، فلم يدخل البيت، وذهب إلى المسجد..
فعرفت فاطمة عليها الصلاة والسلام أن الرسول صلى الله عليه وآله يحب أن يكون المسلمون كفاطمة عليها السلام، وفاطمة عليها السلام كالمسلمين في مستوى واحد من المعيشة، وأن هذا الستر لا يليق بالبيت.. وأن هذا السوار من الفضة لا يليق بولديها، حيث بعض المسلمين في شدّة من المعيشة..
فنزعت فاطمة عليها السلام السوارين من يد الولدين الطاهرين، ولفتهما في الستر المذكور بعد أن أخذت الستر من الباب، وأرسلتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وآله السوار والستر فرح وقال: "فعلت فداها أبوها، فعلت فداها أبوها، فعلت فداها أبوها"1.


لعل القصة من باب التعليم
ولا يخفى أن القصة لعلها كانت لأجل التعليم، يعني أن فاطمة الزهراء عليها السلام كانت تعلم أنه لا ينبغي هذا النوع من الستر، وهذا السوار، وإنما أقدمت على ذلك لمصلحة أهم وهو ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وما عملته فاطمة عليها السلام بعد ذلك، ليكونا أسوة لكل حاكم إسلامي وذويه.
كما أن الأمر تعليمي في أشباه ذلك: مثل قصة وضوء الحسنين أمام ذلك الإعرابي الذي لم يكن يعرف الوضوء فتوضآ بقصد تعليمه.


الحجاب ضرورة للمرأة
خير أسوة للمرأة الصالحة في حجابها وتعاملها مع الرجل الأجنبي هي فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام وقد أكدت قولا وفعلاً على ضرورة الحجاب للمرأة المسلمة..
روي أنـه لـمـا سـئـل عـنـهـا عــن قـول الـرسـول صـلى الله عليه وآله: "أي شيء خير للمرأة"؟ قالت: "أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل"2.
والمقصود بطبيعة الحال الرؤية للجسم، أو الرؤية التي نهى عنها الشرع، وأما الرؤية من وراء الحجاب مع رعاية الموازين الشرعية فلا بأس به، ويدل على ذلك ذهاب فاطمة عليها السلام إلى أحد، وذهابها إلى الحج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وما أشبه.


خدمة فاطمة عليها السلام للفقراء
وكانت فاطمة الزهراء عليها السلام تهتم بالفقراء والمساكين وتقوم بمساعدتهم، وفي الحديث: إن أمير المؤمنين عليًا عليه السلام كان يمتح الماء من البئر ويملأ القربة.. ثم يخرج بصحبة فاطمة الزهراء عليها السلام في الليل، وكانا يأخذان الطعام وما أشبه، وربما أخذت فاطمة الزهراء عليها السلام القربة، فيزوران الفقراء والمساكين في بيوتهم، فيوزع الإمام … عليهم الطعام والماء وما يحتاجونه.
فهي عليها السلام خير أسوة للمرأة الصالحة في كل شؤونها، ويجب على النساء أن يتعلمن منها في مختلف الأمور، وبذلك يفزن بالجنة والمغفرة، كما قال تعالى:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ﴾3.
وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "رأيت أكثر أهل الجنة النساء"4.
وفي حديث آخر: "علم الله ضعفهن فرحمهن"5.
وفي حديث ثالث أمر الرسول صلى الله عليه وآله بالتحنّن على النساء وإكرامهن.
إلى غير ذلك من الأحاديث. وقد وصلت المرأة بفضل فاطمة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم أجمعين إلى مستوى رفيع جدًّا حتى أصبح أكثر أهل الجنة من النساء، كما أن المرأة في دنياها بفضلها وفضل أبيها وبعلها وبنيها نالت جميع حقوقها ووصلت إلى قمة كرامتها وشخصيتها اللائقة بها.


حب فاطمة عليها السلام
وفي الختام نتبرك بذكر هذه الرواية الشريفة التي وردت عن سلمان رضي الله عنه قال: "قال النبي صلى الله عليه وآله: يا سلمان من أحب فاطمة فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن الموت والقبر والميزان والحشر والصراط والمحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي رضيت عنه، ومن رضيتُ عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه فاطمة غضبتُ عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، وويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليًّا… وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها"6.
وأخيراً ليس لي إلا أن أتمثّل بالشعر الذي قاله أحد الخطباء من العلماء، في قصيدة له:
أنــــى لمثــــــلي ان أحصي مآثره      أم كـيف لي سرد نبذ من سجاياها
فـــالله فــــضّلــــها، والله شرفــــه      والله طـــــهــرهــا، والله زكّـــاهــا
ــــــــــــــ
1- راجع الأمالي للشيخ الصدوق: ص234 ح7 المجلس الحادي والأربعون، والمناقب: ج2 ص343، وروضة الواعظين: ص443.
2- مناقب ابن شهر آشوب: ج3 ص119 فصل في سيرتها عليها السلام.
3- سورة آل عمران: 133.
4- راجع مكارم الأخلاق: ص235 الفصل العاشر.
5- مكارم الأخلاق: ص235 الفصل العاشر.
6- ارشاد القلوب: ص294.
شبكة المعارف الإسلامية

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد