مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

هذا من فضل ربي


الشيخ علي رضا بناهيان

خذوا دنياكم من فضل الله يا رفاق. هذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي. أرأيتم أولئك الذين يتعرّضون للظلم، إنهم يقولون: «الله عادل.. الله يستوي في موضعه المناسب». فالذي يكتوي بنار الظلم يثق بعدالة الله فيهدّئ بذلك نفسَه.
لكن هذا الإنسان نفسه يهرب أحياناً من عدلِ الله. وهذا يحصل في.. الأدعية، وعلى لسان.. أئمة الهدى(ع) أنفسهم! «عدلكَ مهرَبي»، من عدلكَ أنا أفرّ!! عدلك (يا إلهي) لا يسُرُّني!
ـ فماذا تريد إذن في مقابل العدل؟ أتريد الظلم؟
ـ كلا.. أريدُ فضلَك عوضاً عن عدلك!!
وعدلُكَ مُهلِكِي، وَمِن كُلِّ عَدلِكَ مَهرَبي (مقطع من دعاء عرفة)
من عدلكَ أنا أفرّ!! والله يعلَم بهذا. هو ينادي: أيا هذا.. هل سئِمت.. من كل هذه الضوابط.. والقواعد؟ ومن هذا العالم المليء بالفعل ورد الفعل؟ تعال لأُسعدك. فهناك أيضاً مكان يمكنك أن تحلّق فيه، هناك أيضاً محل تكون فيه طليقاً، هناك أيضاً موضع أُعامل فيه عبدي بشكل آخر. إنّه الموضع الذي أُعامِل فيه بفضلي. وإنّ الفضل بيدي.
إلى أي مدىً هذا الكلام جدّي؟ دعوني أنقل لكم قصة. لقد حسدَ إبليسُ آدمَ فقال: «لا يمكنني أن أرضخ للأمر». قال الله: «أنا الذي آمرُك!». فقال: «وليَكُن!». قال: «لقد كنتَ عبدي!». أجاب: «لم أعُد الآن عبدَك!» إلى هذا الحد بلغ به الكفر! قال الله: «إذن أنت رجيم.. أغرب عني وسأرى ما سأفعل بك يوم القيامة». فقال إبليس: «عبَدتُك ستة آلاف سنة، وأنت لا تذر عبادةً دون أجر. ألستَ تريد أن تحاسبني يوم القيامة.. فلقد كفرتُ؟ إذن أعطني أجري في الدنيا!» كم كريمٌ هو الله! قال تعالى: «قل أنتَ كم أُعطيكَ لترضى كلّ الرضا.. وسأعطيك» قال: «أعطني عمراً طويلاً يمتد ليوم القيامة». قال: «أُعطيك إلى زمن ما».
ـ «أعطني ولَدَين مقابل كل ولَد لآدم». قال الله: «أعطيك». فقال: «وأريد أن أجري كالدم في عروق بني آدم». قال الله: «أعطيك!!» احملوا فضلَ الله على محمل الجد. ثم قال: «طيّب، هذا كان أجري يا إلهي، فهاتِ شيئاً من فضلك!!»
إنه يعرف الله. هاتِ شيئاً من فضلك! إنه يعرف الله. فإذا بنا نحن من التفاهة بحيث نحضر مراسم دعاء فلا نطلب من فضل الله شيئاً!! «أعطني أيضاً من فضلك».. هذي التي تمنح النشوة.
فقال الله: «حسنٌ». فكان ما أعطاه من فضله خيراً من كل ما قبله، «خيراً» من وجهة نظر إبليس طبعاً. قال: «سأجعلُ ابن آدمَ إذا وَسوَستَ في صدره لا يلتفت إلى أنك أنت الذي توسوس له، بل يتصوّر أنّه هو يريد ذلك». قال: «ممتاز». حتى إبليس يعلم ما معنى الفضل! ويعرف أن الله أهلٌ للفضل، وهو يستحصله منه. ويعرف أن الله أهلٌ للفضل.
هل شاهدتم البعض يضع على باب داره يافطة تقول: هذا مِن فَضلِ رَبّي؟ هل تعلمون أنه يُستَحَبّ أن يقول المرء لما يملك: هذا من فضل الله؟ ثم إنّ الله يعطي عبدَه العارف بفضله المزيد من فضله. «من فضله» يعني: «لم يكن من المقرر أن أعطيك هذا، فكان يتعيّن، وفقاً للقاعدة، أن تُمتَحنَ أنت بامتحان الفقر مثلاً»
ـ «إذن فلماذا أعطيته يا رب؟!»
ـ «على كُلٍّ، لقد أعطيناه من فضلنا!»
ـ «ومَن يستحقّ هذا الفضل؟»
ـ «على كلّ حال.. لو كان من المقرر أن يخضع لقاعدة وأن أزوّدك بها لكان من العدل! إنه فضل، هل تفهم ذلك؟ أتفهم ذلك؟ إنه فضل!»
هذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي. هو الذي قال: «ابتغوا من فضلي». فليس في حوزتنا حقاً ما يستحق أن نبذله في حضرة الله تعالى.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد