مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

تسمية المواليد بإضافة العبد إلى غير اللّه سبحانه


الشيخ جعفر السبحاني

لقد تعارف لدى المسلمين تسمية أولادهم بعبد الرسول وعبد الحسين وما ضاهاهما ويجمع الكلّ إضافته إلى أسماء الرسول وأئمّة الإسلام.
وربما وقع ذلك ذريعة للسؤال عن جوازه، فنقول:

تطلق العبودية ويراد منها أحد المعاني التالية:
1. العبودية هي التي تقابل الألوهية، وهي بهذا المعنى ناشئة من المملوكية التكوينية التي تعمّ جميع العباد، ومنشأ المملوكية كونه سبحانه خالقًا، والإنسان مخلوقًا.
وعلى ضوء ذلك فالعبودية إذا كانت رمزًا للمملوكية الناشئة من الخالقية، فهي لا تضاف إلاّ إلى اللّه سبحانه كما يقول سبحانه: ﴿إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأرْضِ إلاّ أتِى الرَّحمنِ عَبْدًا﴾.(1)
وقال سبحانه حاكيًا عن المسيح: ﴿إنّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا﴾.(2)

2. العبودية الوضعية الناشئة من غلبة إنسان على إنسان في الحروب وقد أمضاها الشارع تحت ظل شرائط معينة مذكورة في الفقه.
فأمر الأسارى - الذين يقعون في الأسر بيد المسلمين - موكول إلى الحاكم الشرعي فهو مخيّر بين إطلاق سراحهم بلا عوض أو بأخذ مال منهم أو استرقاقهم.
فإذا اختار الثالث فيكون الأسير عبدًا للمسلم، ولذلك ترى أنّ الفقهاء عقدوا بابًا باسم "العبيد والإماء".
قال سبحانه: ﴿وَأنْكِحُوا الأيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإمائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّه مِنْ فَضْلِهِ وَاللّهُ واسِعٌ عَليمٌ﴾.(3)
تجد أنّه سبحانه ينسب العبودية والإمائية إلى الذي يتملكونهم ويقول "عبادكم وإمائكم" فيضيف العبد إلى غير اسمه جلّ ذكره.

3. العبودية بمعنى الطاعة وبها فسرها أصحاب المعاجم.(4)
وهذا هو المقصود من تلك الأسماء فيسمون أولادهم باسم عبد الرسول أي مطيع الرسول وعبد الحسين أي مطيعه وكلّ مسلم مطيع للرسول والأئمّة من بعده ولا شكّ انّه يجب إطاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأولي الأمر..
قال سبحانه: ﴿أطِيعُوا اللّهَ وَأطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾.(5)
فعرف القرآن النبي مطاعًا والمسلمين مطيعين، ولا عتب على الإنسان أن يظهر هذا المعنى في تسمية أولاده وأفلاذ كبده.
نعم المسمى بعبد الرسول هو عبد للرسول وفي الوقت نفسه عبد للّه أيضًا ولا منافاة بين النسبتين لما عرفت من أنّ العبودية في الصورة الأولى هي العبودية التكوينية النابعة من الخالقية ولكنّها في الصورة الثانية ناجمة عن تشريعه سبحانه حيث جعل النبي مطاعًا وأمر الناس بإطاعته وشتان ما بينهما.
________________________________________
1- مريم|93.
2- مريم|30.
3- النور|32.
4- لسان العرب: مادة عبد، وكذلك القاموس المحيط في نفس المادة.
5- النساء|59.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد