مقالات

لم يبك عليهم دمعًا بل دمًا


الشيخ عبدالغني العرفات

يمكن تلخيص فكرة الفداء المسيحي التي تعني أن المسيح فدى نفسه لأجل خلاص العالم من الخطايا والأدناس، والتي تختلف جذريًّا عن فكرة الفداء الحسيني في التالي :
١- أن فكرة الفداء حل إلهي للجمع بين العدل والرحمة، فالله عادل ورحيم، فإذا حكم عدله فلن يرحم وإذا رحم فلن يعدل، فحتى يجمع بين صفة العدل والرحمة فإنه أراد رحمة البشر، فتحمل المسيح العذاب عن البشر وبهذا يكون قد أقام العدل .
٢- ولكن هذا غير مقبول إذ أن الله تعالى لماذا لم يحكم فكرة الفداء هذه قبل المسيح؟
ولماذا جاءت متأخرة ولم يستفد منها البشر قبل المسيح (ع) ؟ ألم يتفطن - تعالى الله علوًّا كبيرًا عن هذا -إلا بعد أن أجرى عدله على مجموعة من البشر سبقوا المسيح !!
٣- فكرة الفداء المسيحي تناقض نفسها فقد عذب المسيح بذنب غيره، وهذا خلاف العدل.
٤- كما أن فكرة الفداء عند المسيحيين لا يستفيد منها إلا من يؤمن بها، إذن كيف أصبح المسيح مخلصًا وفاديًا لكل البشر!! وكذلك لم يستفد منها البشر السابقون على المسيح!!
٥- فكرة الفداء وتحمل المسيح للذنوب تستلزم الجرأة على الله وعمل المعاصي.
٦- وتستلزم المساوة بين المجرم والبريء.

* تعالوا لنتأمل في فداء الإمام الحسين (ع) فهو لأجل أمرين :
الأول: نيل مقام خاص للإمام كما هو فداء إسماعيل الذي نال به إسماعيل وإبراهيم (ع) مقامات خاصة عند الله تعالى.
الثاني : حفظ المبدأ والعقيدة نقية للناس .

وقد قيل - ولم أجد له مصدرًا بعد طول بحث - أن الإمام الحسين (ع) بكا على أعدائه شفقة عليهم من دخول النار بسببه، ولكن الحقيقة الناصعة أن الإمام بكا عليهم بدمه فداء للدين وحفظًا له من الضياع ليسعدوا به صافيًا نقيًّا واستجابة لله تعالى ولم يتحمل عنهم خطاياهم في شيء.
نعم سيكون شفيعًا لهم ولكن بسعيهم أيضًا فإن نيل الشفاعة يكون بعمل الإنسان وسعيه (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
فإذا حافظ على صلاته نال الشفاعة بل الشفاعة لا تكون إلا في خصوص حقوق الله وأما حقوق الآدميين فلا شفاعة فيها ولا بد من استرضائهم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد