
الإمام الخامنئي "دام ظله"
إنّ كلمات الإمام الحسين عليه السلام، والروايات التي وصلت إلينا حوله عن المعصومين عليهم السلام، تُبيّن أنّ الهدف من ثورته هو: إقامة الحقّ والعدل ودين الله وتمكين حكومة الشريعة وتحطيم بنيان الظلم والجور والطغيان، واستمرار طريق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام، حيث إنّه عليه السلام: "وارث آدم صفوة الله... وارث نوح نبيّ الله..."(1).
* خروج لطلب الإصلاح
لقد كانت حركة الإمام الحسين عليه السلام من أجل إقامة الحقّ والعدل: "إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي محمّد أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"(2). ونقرأ في زيارة الأربعين التي هي من أهمّ الزيارات: "ومَنَحَ النصح، وبَذَلَ مهجته فيك؛ ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة"(3).
* الحسين عليه السلام ومواجهته تحويل الإمامة إلى سلطنة
1- تحويل الإمامة إلى سلطنة
وقف الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام مقابل حكومة ظالمة فاسدة منحرفة، كانت تتعامل مع الأمّة الرازحة تحت سلطتها ومع عباد الله وخلقه بالظلم والعدوان والغرور والتكبّر والأنانيّة والاستعباد. فهي قد تنكّرت للمعنويّات والالتزام بحقوق النّاس، وكانت قد بدّلت الحكومة الإسلاميّة إلى حكومة طاغوتيّة، في حين أنّ من أبرز مزايا النظام الإسلاميّ هو الحكومة، وأنَّ من أبرز مظاهر المجتمع المثاليّ الذي يريد الإسلام تشييده هو شكل الحكومة وطبيعتها وسيرة الحاكم. ولكنّ -كما عبّر شخصيّات بارزة في ذلك العصر- سلاطين الجور كانوا قد بدّلوا الإمامة إلى سلطنة.
2- الإمامة رافد معنويّ ومادّيّ
والإمامة إنّما تعني قيادة ركب الدّين والدّنيا، في قافلةٍ يسير فيها الجميع نحو هدف سامٍ وفي اتجاه واحدٍ، وهناك شخص يرشد الباقين، فإن ضلَّ أحدهم عن مسار القافلة انتشله وأعاده إليها، وإذا تعب أحدهم حثَّه على مواصلة الطريق، وإن جُرحت قدم واحد منهم داواها، وهو من يرفد الجميع بالعون المعنويّ والماديّ، وهذا مَن يُسمّى في الاصطلاح الإسلاميّ "الإمام"؛ أي إمام الهدى.
3- السلطنة والتسلّط على الناس
وأمّا السلطنة فهي في الجهة المقابلة. والسلطنة التي بمعنى الملكيّة الموروثة هي أحد أشكال السلطنة. لذلك، لا يطلق على بعض السلاطين في العالم اسم سلطان، لكنّ بواطنهم سلطويّة تختزن التسلّط على البشر. فأيّما شخص جاء وفي أيّ حقبة تاريخيّة وأيّاً كان اسمه، إذا قابل شعبه أو الشعوب الأخرى بمنطق القوّة فذاك هو ما يسمّى "سلطنة". فلذلك، انبرى الإمام الحسين عليه السلام لمقارعة وضع كهذا(4).
* الإمام الحسين عليه السلام: الموعود بشهادته
تظهر عظمة واقعة كربلاء من خلال ما قيل في الإمام الحسين عليه السلام: "الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته"(5)، وهو الذي "بكتْه السماء ومَن فيها والأرض ومَن عليها"(6) قبل ولادته؛ لذلك، عندما ننظر اليوم نرى أن الإسلام قد أحياه الحسين بن عليّ عليهما السلام، وهو يعدّ حارس الإسلام. وتعبير "حارس" هنا تعبير مناسب. فالحراسة تكون عندما يوجد العدوّ(7).
* عدم المساومة مع العدوّ
لقد أنجز الإمام الحسين عليه السلام هذا الدفاع في ظروف كان فيها وحيداً في عالم ذلك اليوم الكبير. لم يرافقه كبار بني هاشم وقريش وأبناء صحابة الإسلام، ولم يكونوا مستعدّين للوقوف والصمود في مواجهة الظلم اليزيديّ، أو لمساعدة فلذة كبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فهل كان الإمام الحسين عليه السلام لينتظر مساعدة هؤلاء؟ وهل كان سيتراجع لو لم يقدّموا له العون؟ لم يتوقف عندما علم أثناء الطريق أنّ أهل الكوفة لن يرسلوا له أيّ عون، وعلم أنّه سيبقى وحيداً ولم يتخلَّ عن الهدف(8). عندما استُشهد جميع أصحابه في صحراء كربلاء، وبقي وحيداً مع جمع من النساء والأطفال، لم يتخلَّ عن الدفاع والجهاد(9)، بل حتّى لو استسلم الإمام الحسين عليه السلام في اللحظة الأخيرة، كان اليزيديّون على استعداد لمساومته، لكنّه لم يخضع(10).
* استعداد في أعلى الدرجات
لقد ورد أنّ السيّدة زينب الكبرى عليها السلام أقبلت نحو خيمة الإمام الحسين عليه السلام ليلة العاشر، فسمعته يرتجز أبياتاً من الشعر تدلّ على أنّه عليه السلام ينعى نفسه، فبكت الحوراء زينب وخنقتها العبرة، فحدّثها الإمام عليه السلام بحديث، بينما هو كان جالساً يصلح سيفه ويعالجه ويعدّه للقتال(11). وهذا يعني أنّ الإمام عليه السلام لم يقل: إنّنا راحلون غداً لا محالة، وزيادة ساعة على هذا الأجل أو نقصانها، سوف لن تؤثّر شيئاً، فلا ضير في أن يكون هذا السيف غير قاطع قليلاً أو غير حادّ. كلّا، بل سيف الفارس والمقاتل ينبغي أن يكون دائماً قاطعاً وصارماً، وهذا يعني أنّ المقاتل يجب عليه دائماً أن يحرص على أن يكون استعداده للحرب والقتال استعداداً في أعلى الدرجات(12).
ـــــــــــــــ
1- كامل الزيارات، ص 375؛ بحار الأنوار، ج 98، ص 199.
2- بحار الأنوار، المجلسي، ج44، ص 329.
3- مصباح المتهجّد، الطوسي، ص 788؛ بحار الأنوار، المجلسي، ج 98، ص 331.
4- في حشود غفيرة من زوّار الجبهة ومختلف شرائح الشعب في مقر "دوكوهة" 9/1/1381ش- 29/3/2001م.
5- مصباح المتهجّد، (م.س)، ص 826؛ بحار الأنوار، (م.س)، ج 98، ص 347.
6- (م.ن).
7- في جموع من عناصر الحرس الثوريّ والقوّات العسكريّة بمناسبة 3 شعبان، 6/11/1371ش- 26/1/1993م.
8- تاريخ الطبريّ، ج 4، ص 299-301؛ الإرشاد، ج 2، ص 73-76؛ بحار الأنوار، (م.س)، ج 44، ص 372-374.
9- بحار الأنوار، (م.ن)، ج 45، ص 47.
10- في حشد من فيلق عاشوراء، 28/5/1367ش- 19/8/1989م.
11- تاريخ الطبريّ، (م.س)، ج 4، ص 318-319؛ روضة الواعظين، النيشابوري، ص 184؛ بحار الأنوار، (م.س)، ج 45، ص 1-2.
12- في المراسم الصباحيّة للحرس، مقرّ ثكنة قصر فيروزة، 2/7/1364ش- 24/9/1986م.
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)                    
                    
                        محمود حيدر
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟                    
                    
                        السيد عباس نور الدين
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم                    
                    
                        السيد عبد الأعلى السبزواري
                    
                        كلام في الإيمان                    
                    
                        السيد محمد حسين الطبطبائي
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)                    
                    
                        الدكتور محمد حسين علي الصغير
                    
                        الإسلام أوّلاً                    
                    
                        الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)                    
                    
                        السيد عبد الحسين دستغيب
                    
                        معنى (لمز) في القرآن الكريم                    
                    
                        الشيخ حسن المصطفوي
                    
                        التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي                    
                    
                        عدنان الحاجي
                    
                        {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}                    
                    
                        الشيخ مرتضى الباشا
                    
                        اطمئنان                    
                    
                        حبيب المعاتيق
                    
                        الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين                    
                    
                        حسين حسن آل جامع
                    
                        أيقونة في ذرى العرش                    
                    
                        فريد عبد الله النمر
                    
                        سأحمل للإنسان لهفته                    
                    
                        عبدالله طاهر المعيبد
                    
                        خارطةُ الحَنين                    
                    
                        ناجي حرابة
                    
                        هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال                    
                    
                        أحمد الرويعي
                    
                        وقف الزّمان                    
                    
                        حسين آل سهوان
                    
                        سجود القيد في محراب العشق                    
                    
                        أسمهان آل تراب
                    
                        رَجْعٌ على جدار القصر                    
                    
                        أحمد الماجد
                    
                        خذني                    
                    
                        علي النمر
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
                    
                        (قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
                    
                        مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
                    
                        شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
                    
                        نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم
                    
                        (ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
                    
                        كلام في الإيمان
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)