مقالات

حذارِ السّهو عند دعائك مولاك!

 

موعظة في أدب الدعاء ومناجاة الله تبارك وتعالى، لا سيّما في أيام شهر رمضان ولياليه، مختصرة من كتاب (المراقبات) للفقيه الربانيّ الشيخ الملَكي التبريزي.
إنّ أهمّ لوازم الدعاء، وأوجب واجباته، أن يعلم الداعي ما يقول، ولا يكون حاله وصِفتُه مخالفاً لِما يشافِهُ به ربّه في هذا الموسم العظيم والمقام الجليل، فيكون كاذباً في دعواه، أو غافلاً، أو كالمستهزئ بمولاه، فإنّ ذلك في حكم العقل قريبٌ من الكفر، بل حقيقته كفرٌ بالله العظيم.
فإنّ العالِم بمكنون السرائر، وأسرار الضمائر، إذا خاطبه عبدُه بهذه الاعترافات والتضرّعات التي أودعوها في هذا الدعاء [ من أدعية دخول شهر رمضان، رواه السيّد في الإقبال عن الإمام الصادق عليه السلام ] من قوله عليه السلام: «يا من نهاني عن المعصية فعصيتُه، فلم يهتِكْ عنّي سِترَه عندَ معصيته..»، ويرى قلبَه وسرّه وعمله كلّه مخالفاً لما يقول، ومتّصفاً بغير حقيقة الاعتراف، ويكون -في الوقت نفسه- معتقداً لنفسه الصلاح، أو غير راضٍ في قلبه عن معاملة مولاه معه، أو متّصفاً بغير ما يلزم هذا الاعتراف من الذلّة والانكسار، فماذا يستحقّ  -بِحُكم العقل- هذا المناجي الغافل، أو الكاذب، أو المستهزئ؟
وكيف ترى إلى عبدٍ دعاه سيّدُه إلى ضيافته، ومجلس كرامته، مع أوليائه الأطهار، وأرسل إليه من يُعرّفه حقيقة آداب مناجاته والحضور بين يديه، فحضر هذا العبد، لكنه انصرف، بقلبه، عن سيّده إلى عدوّه، متفكّراً في طاعة هذا العدوّ، واستغرق قلبه في هذا الفكر، بحيث أسكره عن فهم معاني مخاطباته لسيّده ومولاه، فماذا يستحقّ -بِحُكم عقلك- هذا الضالّ... فـي جـواب هـذه المخاطبـات؟
فلو قيل له: أما تخجل أيّها الضالُّ المستخفّ بكرامة ربّه أن تواجهني في مثل هذا المقام بما لا ترضى أن يواجهك به أحدٌ من العالَمين، بل لا ترضى أن يواجَه به عدوّك في حضوره؟ فأين حياؤك من الاستهانة بي، بما لا تستهين به مع عبيدي الأذلاء؟ أما وجدتَ أهونَ منّي عليك؟!
وأنا أقول: سبحان هذا الربّ الحليم الكريم، كيف ولولا حلمُه لأخذَنا بهذا التهوين أخْذَ عزيزٍ مقتدر، وعذّبنا في سفلى دركات المعذّبين، وطرَدَنا عن بابه أبَدَ الآبدين، وجعلنا في مهوى عوالم السجّين.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد