مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

10 أسرار لعظمة الشخصية، ما الذي يمكن أن نتعلّمه من العظماء؟

 

السيد عباس نورالدين
منذ حوالي أربعين سنة وأنا أجول في عالم الإمام الخميني، في شخصيته وصفاته وأفعاله وإنجازاته؛ ولم يتوقف هذا الرجل الروحاني عن إذهالي أبدًا.
يُقال إنّ حدود عظمة أي إنسان هي في شعورك بالقدرة على تجاوزه؛ أمّا الإمام الخميني كان ولا يزال من أولئك القلّة، الذين يستمرّون بإدهاشنا بعد مرور عقود وعقود، ذلك لأنّنا ما زلنا نكتشف الكثير من مواقف العظمة رغم مرور الزمن.
وبالرغم من انحسار قضية العظمة الواقعية في الثقافات المعاصرة لحساب الشهرة، لا يمكن للناس أن لا يتوقّفوا  مليًّا عند أي عظيم كلّما ذكر لهم. إنّها الفطرة التي ما زالت تنبض في أعماقهم.
في زماننا هذا، أصبح الأصل أن تكون سعيدًا لا عظيمًا. وحتى السعادة، لقد تمّ استبدالها بما يُعبَّر عنه اليوم "بحسن الحال"، لأنّ السعادة أضحت بالنسبة للكثيرين بعيدة المنال. ومفهوم الشهرة اليوم لا يشترط التميّز، فالمشاهير هم المعروفون بأنّهم معروفون كثيرًا!
هل نتجاهل الحديث عن العظماء لأنّهم أشخاص خياليّون، أم لأنّنا لا نريد أن نُصاب بالإحباط حين نكتشف زيف الكثير ممّا يُشاع عنهم، أم لأنّهم يشعروننا بالقصور والعجز؟
ما الذي حدث حتى خبت الرغبة الإنسانية بالعظمة، وحلّ محلّها الانبهار بالشهرة الوهمية؟!
أقل ما يمكن أن يُقال عن الإمام الخمينيّ هو أنّه شخصٌ حقّق أعلى مراتب العظمة، التي يمكن أن تخطر على بالنا؛ ومع ذلك لم يكن ذلك نتيجة أمور لا يمكننا أن نحقّقها، وفي الحد الأدنى أن ندركها ونفهمها. وباعتقادي، إنّ أهم أسرار عظمة هذا الإنسان ترجع إلى

 

هذه الأمور العشرة:
1.  العلم
لا شيء يضفي على الشخصية ذلك العمق والمحتوى والثقل والتجدّد مثل العلم. وقد كان الإمام الخميني عالـمًا بكل ما للكلمة من معنى، سواء على مستوى حجم المعارف وعمقها وسعتها أو على مستوى استعمالها والاستفادة منها. ولهذا، يمكن أن يُقال أنّ الإمام أسّس إنجازه الأكبر على قاعدة العلم وحقّق ما حقّقه بواسطته.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: كلّما ارتقينا في مراتب العلم وآفاقه، أصبحنا أقدر على صنع المعجزات.
2.  حبّ الناس
لا سيّما الفئات المحرومة والمستضعفة. فلا ننسى أنّ ظهور العظمة في الحياة الدنيا يرتبط بالناس. وإذا كانت الثورة، التي أسقطت عرش الطاغوت الظالم المستبد، أكبر إنجازات الإمام الخميني، فقد أهدى ثمارها ونتائجها للحُفاة المحرومين، واعتبر أنّهم أصحاب البلاد الحقيقيين. ولم يُعمِ النصر الكبير قلبَ الإمام، الذي كان ينبض بحبّ المستضعفين، ولم يُنسِه ما سعى وضحّى وجاهد وناضل من أجله.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: كلّما كان سعينا من أجل سعادة الناس، صرنا أقرب إلى العظمة الحقيقية.
3.  العرفان العميق
وهذا ما تجلّى في جعل كلّ السعي والنضال مواجهةً بين الحقّ والباطل؛ أي جعل القضية الأولى في الحياة قضية الله. وبالرغم من أنّ الإمام كان رجلًا سياسيًّا بامتياز، إلا أنّ السياسة لم تغلب عليه وتنسه القضية الجوهريّة، التي من أجلها تكون السياسة والحكم والدنيا والآخرة. ولو قرأنا الإمام في بدايات نشاطه وسعيه العام، وقرأناه في أواخر حياته الدنيا، لوجدناه شخصًا واحدًا لم تغب عن نضاله قضية الله أبدًا.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: من يجعل سعيه من أجل إعلاء كلمة الله ومعرفته والارتباط به، يكون قد اتّصل بالمنبع الحقيقيّ للقدرة والعظمة.
4.  الإخلاص التام
كان الإمام مؤمنًا بالأهداف الكبرى للدين، ولم يؤطّر ذلك بمنافعه ومصالحه وحساباته الشخصية أبدًا. لهذا، كان مستعدًّا دومًا للعمل مع أي إنسان يمكن أن يحقّق هذه الأهداف، ولو كان هذا العمل أقل شأنًا منه. وقد قضى الإمام سنوات من حياته يعمل في خدمة آية الله البروجردي وتحت إمرته، لأنّه اعتقد أنّ هذا الفقيه يمكن أن يكون عاملًا أساسيًّا في تقدّم الإسلام ورسوخه.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: عظمة الشخصية لا تحصل بسعينا لتحقيقها، بل بعملنا لتحقيق الأهداف الكبرى.
5.  اجتنابه للرئاسة والزّعامة
وهذا بعدٌ آخر من أبعاد الإخلاص العميق، الذي تميّز به الإمام، لكن بالنظر إلى أهميته وحساسيته، لا بدّ أن نتأمّل فيه كعاملٍ خاصّ من عوامل العظمة الحقيقية. فبالرغم من أنّ الإمام الخميني كان حائزًا على جميع شروط الزعامة الدينية الكبرى، وهي المرجعية، لم يقدّم خطوة واحدة في هذا المضمار؛ بل كان شديد الاجتناب والنكوف عن أي شي يمكن أن يقرّبه منها. 
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: الرئاسة والزعامة أمرٌ وشأنٌ إلهيّ، وهو بيد الله وحده. وكل من تسوّل له نفسه السعي لتحصيلها فسوف يذلّه الله.


6.  التقوى الشديدة
وهي عبارة عن الالتزام الدقيق بنظامٍ سلوكيّ وأخلاقيّ رفيع، وقد كان هذا النظام بالنسبة للإمام عبارة عن أحكام الإسلام وتشريعاته، التي تشمل كل شؤون الحياة وتفاصيلها. فمن هذه الناحية، كان بالإمكان توقّع كل حركة يمكن أن يقوم بها هذا القائد، إذا كنّا مطّلعين على هذا النظام.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: التمسّك والالتزام الدقيق بنظامٍ تشريعيّ وأخلاقيّ يمنع السقوط في الأخطاء القاتلة.
7.  استيعاب الزمان
الزمان هنا هو الواقع ومقتضياته وظروفه ومتطلّباته. فلا يمكن للإنسان أن يتفاعل بصورة صحيحة وواسعة مع الواقع من دون أن يعرفه. وقد كان الإمام مظهر ذلك العارف الذي استوعب الحياة، واستطاع أن يطبّق المعارف الكبرى على مصاديقها وجزئياتها.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: لكي تتجاوز العظمةُ الزمانَ والمكانَ، ينبغي أن تحيط بهما.
8.  العزة
هي التي تمنع صاحبها من أن يتنازل عن مبادئه في حالات الفقر والاحتياج والضعف وقلّة الإمكانات والأنصار؛ لأنّ الوصول إلى الأهداف الكبرى لا يمكن أن يتحقّق من دون الثبات على المبادئ التي تشكّل أصول نظام الملاحة لهذه السفينة وسط الأعاصير. لم يسمح الإمام لأي من تلك الحالات البشرية أن تغلبه، فيسقط في الإمتحانات الإلهية، التي جعلها الله وسيلة لاتّصال عباده بمنبع القدرة المطلقة.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: العظمة الحقيقية تنبع من الثبات على المبادئ الصحيحة وعدم التخلّي عنها عند أي خوف أو طمع.
9.  حسن التدبير
تشكّل الإمكانات المتاحة لأي إنسان وسيلة الوصول إلى العظمة الواقعية. لكن القلّة هم الذين يعرفون كيف يستفيدون من هذه الإمكانات بالصورة الصحيحة، بما يتناسب مع تحقيق الأهداف المنشودة. لا شك بأنّ القاعدة الأولى لهذه الاستفادة تكمن في إدراك هذه الإمكانات ومعرفتها بصورة دقيقة.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: إذا كانت العظمة الواقعية في ظلّ تحقيق الأهداف الكبرى، فإنّ تحقيق الأهداف لا يكون إلّا بحسن استعمال ورعاية الإمكانات الموصلة.
10.  الشجاعة الفائقة
طريق الوصول إلى الأهداف الكبرى محفوفٌ بالمخاطر. والمخاطر تهدّدنا وتخيفنا وتدفعنا للتراجع عن مبادئنا وأهدافنا، إلا إذا كنّا نمتلك الشجاعة اللازمة لتجاوزها. وقد واجه الإمام كل ما يمكن أن يواجهه أي إنسان من أعتى القوى المستبدّة والظالمة، من حبس وتبعيد ونفي وتهديد بالقتل وقتل الأعوان والأبناء والمحاصرة وكل أشكال التصفية المعنويّة والإهانة و.. ومع ذلك لم يبدر منه أي خوف أو تزلزل.
الدرس الذي نتعلّمه من الإمام: نتائج مواجهة المخاطر أقل بكثير من الهروب منها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد