مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، ولد في مدينة يزد في إيران عام 1935 م، كان عضو مجلس خبراء القيادة، وهو مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي، له مؤلفات و كتب عدیدة فی الفلسفة الإسلامیة والإلهیات والأخلاق والعقیدة الإسلامیة، توفي في الأول من شهر يناير عام 2021 م.

المعنى المذموم للدنيا

 

الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
إنّ للفظة "الدنيا" ثلاث استخدامات على الأقلّ:
 الأوّل: مجموع العالم المادّي الذي نعيش الآن فيه مع النظام المُهيمن عليه، وهو سيتغيّر يوماً ويتلاشى ليبدأ عالم الآخرة. 
 الثاني: ذلك الفصل الأوّل من حياة الإنسان وهو الذي يقضيه في هذا العالم قبل الموت والذي ينتهي بالأخير ليبدأ بعده الفصل الثاني ألا وهو حياته الأبديّة. 
وليس من سبيل إلى التقييم (سلبياً أو ايجابياً) بالنسبة لهذين الاستخدامين للفظة الدنيا، فأحدهما يمثّل مرحلة من الوجود وثانيهما يشكّل مرحلة من حياة الإنسان ولا بدّ للاثنين من الحصول والتحقّق. 
  أمّا الاستخدام الثالث فيتّصل بارتباط الإنسان بالحياة الدنيا وتعلّقه بها حتّى تشغل كلّ تفكيره وتدفعه لتوظيف كلّ همّته لبلوغ لذّاتها، وهذا هو المعنى المذموم للدنيا. 
فقد تكون للإنسان فيما يتّصل بالدنيا رؤيتان: 
  فإمّا أن ينظر إليها كغاية فيحشد كلّ طاقاته للحصول على الأمور المادّية والتمتّع باللذّات الدنيويّة 
  وإمّا أن يتعامل معها –في المقابل– كأداة للوصول إلى النعم الأبديّة التي أعدّها الله له في عالم الآخرة، بالضبط كالنظّارات التي يستعين بها الإنسان ليرى بها من دون أن يلتفت إليها أدنى التفات. 
فإن كنّا ننظر إلى الدنيا بهذه الصورة فليس هناك من بأس أبداً، فهي كالوسيلة التي تقصُر أيدي البشر عن بلوغ السعادة الأبديّة من دونها. 
فقد وضع الله عزّ وجلّ هذه الأداة في متناول الإنسان كي يهيّئ -بالإفادة من الإمكانات المتاحة فيها- زاداً لآخرته ويدخل بها الجنّة. 
أمّا إذا نسي الإنسان الهدف الحقيقيّ، وهو الحياة الأخرويّة، وانصبّ جلّ اهتمامه على الوسيلة التي وُضعت تحت تصرّفه للوصول إلى ذلك الهدف وقنع باللذّات العابرة لهذه الدنيا، فهو يستحقّ الذمّ.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد