لا أقصد بالرمزيّة هنا، المعنى المجازيّ، بل ما أعنيه الدلالة المعنويّة المكثّفة التي تنطوي عليها هذه الشّخصيّة الحقيقيّة، ومدى تأثيرها في الشخصيّة الإسلاميّة والوجدان الدينيّ. فمن ضمن هذه الدلالات:
أوّلًا: انتساب السيّدة زينب عليها السلام إلى أسرة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبالتالي، فلقد صدر عنها إعلان وتحدٍّ ما زال شيعة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يردّدونه دون توقّف، ويبنون عليه وضعيتهم المعنويّة، عندما خاطبت يزيد قائلة: "والله لن تمحوَ ذكرنا، ولن تميت وحينا"، لتصير هذه الشخصيّة عنوان حفظ الذكر المحمديّ والوحي الإلهيّ، فأيّ تقصير معها ولو في مماتها هو خيانة للذكر وللوحي.
ثانيًا: هي رمز العفاف والطهر الذي ورد أنّه ما انكشف إلّا في معركة كربلاء، وأرادوا بذلك خدشه، إلّا أنّ الله حماه. وبالتالي، فإنّها تمثّل طهر كلّ امرأة مسلمة وعفافها، وحميّة كلّ رجل مسلم، فأيّ تعرُّض لها هو تعرُّض للمثال الأعلى المعبِّر عن العفة الدينيّة. ومن المعلوم، أنّ من مات دون الأعراض ودفاعًا عن الحرمات هو شهيد في سبيل الله.
ثالثًا: إنّها عنوان الاستمرار العقائديّ والجهاديّ لنهضة كربلاء، بل يمكن القول: إنّها التي جعلت من مذبحة كربلاء نهضةً معنويّة وسياسيّة وجهاديّة ما زالت إلى يومنا هذا، لذا، فأيّ تقصير في الدفاع عن هذه الرمزيّة هو خيانة دينيّة وسياسيّة وجهاديّة كبرى، لا يتحمّلها الوجدان الإسلاميّ.
رابعًا: إنّها تمثّل حاضنة الدموع والآلام والصبر والغربة ابتداءً من دموع الحسين وأبي الفضل وعليّ بن الحسين عليهم السلام، وكلّ من كان في كربلاء، مرورًا بكلّ من التحم بروح المسير الكربلائيّ، ووصولًا، حسب المعنويّة الإسلاميّة، إلى مستقبل الخلاص المتمثّل في المهديّ (عج)، إذ إنّ الشيعة يرون أنّ أهمّ مفردة من مفردات القيام المهدويّ هي تلبية نداء السيّدة زينب يوم وقفت بين الأشلاء المقطّعة لشهداء كربلاء ونادت "وامحمّداه، هذا حسينك في العراء…". لذا، فحفظ هذا الانتساب إليها هو حفظ للهويّة التاريخيّة الناهضة بمستقبل مبنيّ على الصبر والوفاء والنصر.
خامسًا: إنّ السيّدة زينب عليها السّلام تمثّل عند كلّ مسلم من عامّة المسلمين أو من علمائها، من المتديّن فيهم أو غير المتديّن، بَرَكةً إسلاميّة، فهي صاحبة شفاعة، ومصدر بَرَكة يبث الناس عندها إلى الله شكواهم، ويتلون أدعيتهم. وبهذا المعنى، فإنّ مقامها مقدّس، تنجذب إليه الأرواح وتُستودع فيه الرجاءات.
لكلّ هذا، ولغيره كثير، فإنّ البقعة الجغرافيّة التي تشرّفت بمقام السيدة زينب لا تنحصر في الجغرافيا، بل ولا تنتسب إلى الجغرافيا الأرضية. إنّها محور من محاور العقيدة التي يقصدها وينتمي إليها المسلمون من كلّ فجٍّ عميق.. وإنّ جغرافيّتها الحقيقيّة تمتدّ إلى عالم الملكوت والأنفس التوّاقة للإيمان والرجاء والأمل والحبّ المفتوح على العزّة والاقتدار…
ولمن لا يعلم، فإنّ السيدة زينب عليها السلام هي روح الدعاء والجهاد والرسالة لمنطق القرآن الكريم وسنّة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأيّ مسٍّ بها هو مسٌّ ببيان القرآن وشريعة رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.. وليس بعد ذلك إلّا الطوفان.
ذلك أنّ الحب عندما يسقط من ضمير الإنسان لن يخلّي الطريق إلّا للعنة الغضب والعداوة.. وما زينب إلّا حب محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الإسلام وميول الإنسان
شروط البحث
الزهراء للإمام عليّ: اشتملت شملة الجنين (1)
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة