
الفقه -لغةً- هو الفهم والفطنة، ومنه قوله تعالى {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ}،{وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}.
وأمّا قوله سبحانه {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، فالمراد أن يتعلّموا ويفهموا الدين من مختلف الزوايا والحثيثات كتعلّم القرآن الكريم، والعقيدة، ومعارف أهل البيت (عليهم السلام)، وأحكام الحلال والحرام، والأخلاق الإسلامية، وغيرها، ولا تختص الآية الكريمة بتعلّم الحلال والحرام. وكذلك معنى الحديث المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : (إذا أراد الله بعبد خيرًا، فقّهه في الدين).
إذن ليس المقصود بـ (التفقه في الدعاء) معرفة الواجب والمستحب والمحرّم والمكروه في الدعاء، بل المقصود أوسع وأعمق من ذلك، فهو يشمل:
1- أهمية الدعاء ومكانته في المنظور القرآني.
2- أهمية الدعاء ومكانته في منظور الروايات الشريفة.
3- معنى (استجابة الدعاء) وأنحاء الاستجابة.
4- شروط (استجابة الدعاء).
5- موانع (الاستجابة).
6- آداب الدعاء الباطنية والظاهرية.
7- الأوقات والأماكن المخصوصة للدعاء.
وغير ذلك من محاور سنمر بها خلال هذه السلسلة بحول الله وقوته توفيقه وتسديده.
ونبدأ بالمحور الأول
(أهمية الدعاء في المنظور القرآني):
إذا أردنا أن نقوم بشيء من التأمل القرآني حول الدعاء، فعلينا أن نلتفت إلى ثلاثة أنحاء من الآيات:
النحو الأول: الآيات التي ذكرت مشتقات كلمة (الدعاء)، ومنها قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
النحو الثاني: الآيات التي ذكرت كلمات قريبة من (الدعاء)، ومنها قوله تعالى (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
وهنا سؤال نرجع له في وقت لاحق إن شاء الله، ما الفرق بين (الدعاء) و(النداء) و(المناجاة).
النحو الثالث: الآيات التي ذكرت مصاديق للدعاء، ومنها قوله تعالى (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) فالقرآن الكريم سلّط الضوء على حالات النبي موسى، كيف كان يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه لا سيما في مفاصل الحياة، فانظر أيضًا (فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) وغيرها.
تمتاز هذه الآيات بأنها ذكرت (مصاديق) أدعية، ولم تذكر كلمة (دعاء) أو المرادفات والمشتقات.
قال الله سبحانه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). [ البقرة: 185]
وقال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). [ البقرة: 186]
نلاحظ أن الآية السابقة مرتبطة بشهر رمضان المبارك، والصيام، والآية اللاحقة مرتبطة بالدعاء.
قال بعض العلماء أن الآيات تريد الإشارة إلى الربط بين هذه الأمور الثلاثة (شهر رمضان المبارك- الصيام- الدعاء) لذا نجد الكثير من الأدعية المأثورة المرتبطة بشهر رمضان.
بل الآيات تشير إلى ارتباط أربعة أمور أو أكثر.
ما الأمر الرابع الذي تراه في الآية؟
هو (السؤال عن الله تعالى): (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي)، فشهر رمضان والصيام هو شهر التعرّف على الله تعالى، والتفقه في الدين، من خلال القرآن الكريم، ومن خلال الأدعية، ومن خلال صفاء الروح والقلب بسبب الصيام والأعمال الصالحة وضيافة الله سبحانه.
فينبغي على المؤمنين الاستفادة من هذه الفرصة المتعددة الجوانب للتفقه في الدين (بالمعنى الواسع للتفقه)، فإذا لم يتعرّف الإنسان على ربه ودينه في شهر رمضان، فمتى إذن؟
معنى (ودق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
هل قاتلت الملائكة؟
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
الشيخ محمد مصباح يزدي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (ودق) في القرآن الكريم
هل قاتلت الملائكة؟
أهمّ عشرة اكتشافات علمية في الفيزياء لعام 2025
تزكية النّفس أوليّة مقدّمة على كلّ شيء
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (2)
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
معنى (سبل) في القرآن الكريم
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)