مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

حقيقة مهمّة: إنّ الإمام الرّضا (ع) يحبّك، يعرفك، وهو يدعو لك!

دليلك لمعرفة الإمام الرّضا (ع) خطوة بخطوة

 

ما الذي يجول في بالك بالنّسبة إلى الإمام الرّضا (ع)؟ بماذا تخاطبه حين تزور مرقده؟

 

البعض حين يزور مشهد الرّضا (ع) يقول له: "سيّدي، انظر إليّ نظرة! سيّدي، لا تنسني". حذار من أن نكون من أولئك الذين يحملون تصوّرًا خاطئًا عن هذه العلاقة! أخشى أن نكون بسبب هذا التّصوّر الخاطئ، ممّن يتكلّمون مع الإمام (ع) بشكل سلبيّ لا يتناسب مع منزلته!

 

تعالوا إذًا نستعرض تصوّرنا عن الإمام خطوة خطوة ونصلحه.

 

الخطوة الأولى: أأنت مَن تحبّ الإمام الرّضا (ع) أم هو الذي يحبّك؟

 

"الذّكر.. أوّلٌ من المذكور، وثانٍ من الذّاكر". (غرر الحكم: ص 188). هذا قول الإمام أمير المؤمنين (ع). يعني أنّك حين تذكر الله تعالى، فإنّ الذّكر يكون أوّلاً من الله، أي إنّ الله هو الذي يذكرك أوّلًا، ثمّ تذكره أنت بعد ذلك. من الصّعب علينا قليلاً أن نصدّق أنّ الإمام الرّضا (ع) في أيّام ولادته هو الذي يذكرنا أوّلاً، ثمّ نذكره نحن بعد ذلك، فتصبح حالنا رضويّة، وتهفو نفوسنا للذّهاب لزيارته!

 

لكن هذه هي الحقيقة! الإمام (ع) يحبّ أن نقصد مرقده الطّاهر، فيقع في قلوبنا أنّنا مشتاقون إلى الذّهاب إلى مشهد لزيارته. هذه أمور يشقّ علينا بعض الشّيء تخيّلها، لكنّها الحقيقة!

 

الخطوة الثّانية: هل أنا زائر مجهول، أم أنّ الإمام الرّضا (ع) يعرفني؟

 

إنّنا نحبّ الإمام الرّضا عليه السّلام محبّة غامرة، ولا شكّ أنّ هذه المحبّة متبادلة. فإنّ الإمام يعرفنا منذ طفولتنا، ويعرف أبوينا، وأولادنا. ألا تصدّق ذلك؟ انظر إلى هذه الرّواية:

 

يقول أحد أصحاب الإمام الرّضا (ع) واسمه موسى بن سيار: كنت مع الإمام في رحلته إلى مدينة طوس، ولدى اقترابنا من المدينة سمعنا عويلًا على ميت فعرفنا أنّ أحد شيعة الإمام توفّي. ومع أنّ الإمام (ع) كان مسافرًا فقد أقبل يشارك في تشييع جنازة الرّجل وأبدى تأثّرًا وحزنًا شديدًا عليه ما أثار تعجّب مرافقيه.. "حتّى إذا وضع الرّجل على شفير قبره رأيت سيّدي قد أقبل.. فوضع يده على صدره ثمّ قال: يا فلان ابن فلان أبشر بالجنّة فلا خوف عليك بعد هذه السّاعة"!.

 

يقول الرّجل: "فقلت: جعلت فداك، هل تعرف الرّجل؟ فوالله إنّها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا". فقال لي: "يا موسى بن سيار، أما علمت أنّا معاشر الأئمّة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحًا ومساء، فما كان من التّقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصّفح لصاحبه، وما كان من العلوّ سألنا الله الشّكر لصاحبه". (انظر: المناقب: ج4 ص 341).

 

الخطوة الثّالثة: الإمام (ع) حريص عليك، أتعرف ما معنى ذلك؟

 

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم). (التوبة: 128). أي إنّ النبيّ (ص) الذي جاءكم يصعب عليه جدًّا أن تعانوا وتتألّموا، ويشفق عليكم ويحرص على منفعتكم ومصلحتكم. وقد ذكرت الأخبار أنّ خصوصيّة النّبيّ (ص) هذه موجودة في أئمّة أهل البيت (ع) كذلك، فهم أيضًا حريصون عليكم كما كان رسول الله (ص).

 

الإمام الرّضا (ع) من فرط حبّه لنا، لا يطيق أن يرانا نتألّم. ولهذا تحديدًا تعرض عليه أعمال كلّ فرد منّا كلّ أسبوع! ليس لشأن إداريّ رسميّ! بل لأنّ الإمام كالأمّ الحنون التي تحرس ولدها الصّغير وتتفحّصه باستمرار لترى ماذا يصنع، وما إذا كان بخير أم لا؟ هكذا يتعامل معنا الإمام الرّضا (ع).

 

الخطوة الرّابعة: أتحبّ أن يدعو لك الإمام الرّضا (ع)؟

 

قال أحد الأصحاب للإمام الرّضا (ع): "لا تنسني من الدّعاء". قال الإمام (ع): "أوتعلم (أتظنّ) أنّي أنساك؟". قال: "فتفكّرت في نفسي وقلت: هو يدعو لشيعته، وأنا من شيعته، قلت: "لا، لا تنساني". قال: "وكيف علمت ذلك؟". قلت: "إنّي من شيعتك وإنّك لتدعو لهم". فقال: "هل علمتَ بشيء غير هذا؟". قلت: "لا". قال: "إذا أردتَ أن تعلم ما لك عندي فانظر إلى ما لي عندك". أي إذا أردتَ أن تعرف ما هي منزلتك في قلبي فانظر إلى منزلتي في قلبك فإنّ لك في قلبي مثل هذه المنزلة". (الكافي: ج 2، ص 652).

 

الخطوة الأخيرة

 

لربّما يصعب علينا تصديق هذه الأمور، لعلّ الحقّ معنا، لأنّ مقدار الدّناءة والقسوة الموجودة في الدّنيا تجعلنا لا نصدّق أنّ من الممكن أن يكون هناك شخص يحبّنا كلّ هذا الحبّ. علينا أن نعمل على أنفسنا لكي نصدّق هذه الحقائق. يجب أن نفكّر طويلاً، فلا شيء مثل التّفكير يمكنه أن ينقذنا.

 

إن لم تكن تصدّق كم يحمل الإمام (ع) من الكرم واللّطف ففكّر في هذا الأمر مليًّا، وشيئًا فشيئًا سيترك هذا في نفسك أثرًا. وستعرف كم يحبّك الإمام الرّضا (ع)... ستدرك شيئًا فشيئًا أيّ إمام رائع أنت تملك!

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد