فجر الجمعة

نداء الجمعة || أربعين الإمام الحسين (ع)

 

سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل حفظه المولى .. 

لقد حث أئمة أهل البيت (ع) على زيارة الامام الحسين ع كثيرا كثيرا، ولقد استفاضت الروايات عنهم استفاضة كبيرة، بل لم يذكر في أي مستحب من المستحبات كما ذكر في فضل زيارة الحسين (ع) وما لها من الفضل والمقام والمنزلة العظمى عند الله سبحانه، فقد جاء في الرواية عن الباقر ع أنه قال مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع) فإن إتيانه يزيد في الرزق، ويمد في العمر، ويدفع مدافع السوء،  وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقر له بالامامة من الله، وفي رواية أخرى عن الحسين بن ثوير ابن أبي فاختة أنه قال: قال أبو عبد الله (ع) "يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي (ع) ان كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الإنصراف أتاه ملك فقال: إن رسول الله (ص) يقرؤك السلام ويقول لك: إستأنف العمل فقد غفر لك ما مضى"، كل ذلك يدل على الفضل العظيم لزيارة الإمام الحسين (ع)، وأجرها وثوابها عند الله سبحانه وتعالى والروايات في فضل زيارة الحسين لا تحصى كثرة بل جاء في بعض الروايات تعدل لمن كان عارفا بحق الحسين مئة حجة مع رسول الله (ص) وبعضها جاء في الحث على زيارة الحسين (ع) ماشيا، فهذا المشي لزيارة الحسين جاء في عدة روايات عن أئمة أهل البيت (ع)، ولهذا قامت سيرة العلماء والصالحين والمؤمنين من شيعة أهل البيت بزيارة الحسين (ع) ماشيا، فقد جاء في الرواية زيارة الحسين ماشيا من أتى قبر الحسين (ع) ماشيا كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة، ثم قال (ع) فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامض حافيا مشي العبد الذليل، هذه كل الروايات تدل على فضل زيارة الحسين ماشيا، ولها آثار كبيرة، آثار دنيوية وأخروية جاءت بها الروايات عن أهل البيت (ع)، فمن آثارها الدنيوية جاء في الرواية عن الإمام الصادق (ع) أنها تنفس الكرب، وتزيد في الرزق وتمد في العمر وتدفع مدافع السوء، وأيضا تشرح الصدر وتنفس الكرب، هذه آثار دنيوية، فعن الصادق (ع) أنه قال قتل الحسين مكروبا وحقيق على الله أن لا يأتيه مكروب إلا رده الله مسرورا، هذه آثار دنيوية تنعكس على الإنسان حينما يزور الحسين (ع)، وهناك آثار أخروية جاءت بها الروايات، جاء في الرواية أنها أمان يوم القيامة، وأيضا تحط الذنوب، وكذلك زائر الحسين (ع) مشفع يوم القيامة، ومشفع هذه منزلة من منازل الله وكرامة من الكرامات يوم القيامة أن تكون أنت أيها الزائر للحسين من المشفعين يوم القيامة، فقد جاء في الرواية عن الصادق (ع) أنه قال من أتى قبر الحسين تشوقا إليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة وأعطي كتابه بيمينه وكان تحت لواء الحسين حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته، أنت تدعى يوم القيامة تحت إمامة الحسين، يوم تدعى كل أمة بإمامها، وأنت تدعى يا زائر الحسين تحت لواء راية الحسين (ع).

جعلنا الله وإياكم من الآمنين يوم القيامة، لبّي الحسين هنا ويوم القيامة، بل وحين خروجك من قبرك يا حسين يا حسين، حتى تكون تحت راية الحسين (ع).

وتحط الذنوب، ففي رواية عن الصادق أنه قال إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين (ع)، فله إذا خرج بأول خطوة مغفرة من ذنوبه، تلك كرامة أكرمها الله سبحانه وتعالى للإمام الحسين (ع) في الدنيا والآخرة.

ومشفع يوم القيامة، ففي الرواية عن الصادق (ع) زائر الحسين مشفع يوم القيامة لمئة رجل كلهم قد وجبت لهم النار، ممن كان في الدنيا من المسرفين. الشفاعة على أقسام يوم القيامة، أحيانا المؤمن يشفع لأخيه المؤمن وهو من أهل الجنة ليرتفع من مقام إلى مقام أعلى، هذا لا يشفع لأناس قد وجبت لهم النار ممن كانوا من المسرفين في هذه الحياة الدنيا، هذه آثار دنيوية وأخروية لزيارة الحسين (ع)، وأما آثارها العامة التي ندركها نحن الآن في زماننا الحاضر هذا، ونحن نرى ذلك الزحف المليوني الكبير إلى كربلاء، من كل أصقاع الدنيا جاءوا شوقا وتلهفا وحبا لزيارة الحسين (ع)، وتعظيما لشأن الحسين وتعظيما لمقام أبي عبد الله (ع)، وإستجابة لتلك الصرخة الحسينية، التي رفعها الإمام الحسين عاليا يوم عاشوراء حينما كان وحيدا فريدا أما من ناصر ينصرنا، أما من ذاب يذب عنا، لقد لبى المؤمنون ذلك النداء الذي لا زال يصدح في آذان المؤمنين ويملأ الفضاء والمؤمنون يستجيبون له في كل يوم وفي كل شهر وفي كل عام، تلك الزيارة في أربعينية الإمام الحسين.

أولا هي مهرجان عظيم ومسيرة مليونية كبرى، إمتزج فيها الإيمان بالعشق والعقيدة الراسخة بالحب، والمودة بالولاء لأهل البيت (ع).

ثانيا، اعتبروا تلك الزيارة مؤتمر إيماني كبير، جسد أروع مظاهر الإيثار والقدرة والعزة والحرية والكرامة والبذل والسخاء، تلك الحشود وأولئك الجماهير في حقيقتها هو مؤتمر إيماني كبير على صعيد كربلاء، يجسد أروع مظاهر الإيثار، وأروع مظاهر القدرة والعزة، والحرية والكرامة، والبذل والسخاء.

ثالثا، هو صرخة في وجه الظلم والإستبداد، الذي ملأ الأرض كل الأرض، صرخة حسينية بإسم الإمام الحسين (ع)، الذي خرج في وجه الظلم والظالمين يوم عاشوراء.

رابعا، ذلك الحضور تخليد لتلك الأهداف السامية والمبادئ العظيمة التي ضحى من أجلها سيد الشهداء (ع)، أولئك الجماهير وذلك الزحف الكبير في الحقيقة هم يخلدون تلك الأهداف السامية والمبادئ العظيمة التي ضحى من أجلها الإمام الحسين.

خامسا، مشهد إنتصار لكل مبادئ الحق، ذلك الزحف وذلك الحضور هو في حقيقته مشهد إنتصار لكل مبادئ الحق، أنت تنتصر للحسين ولمبادئ الحسين ولقيم الحسين بحضورك وزحفك إلى كربلاء الحسين (ع)، كذلك هي بيعة للإمام الحسين وللإمام المهدي (ع)، توحد فيه كل أبناء مذهب أهل البيت بل وكل الأحرار في العالم بأسره، ذلك الحضور هو بنداء لبيك يا حسين، ولكنه هو بيعة للإمام المهدي (ع)، وهو استعداد حقيقي وصريح بالبذل والعطاء والنصرة بين يدي الإمام المنتظر (ع)، أنا لا أشك في تلك الجماهير الزاحفة إلى كربلاء، من الشباب المؤمنين من كل أصقاع الدنيا بأنهم على استعداد تام حين يخرج الإمام الحجة المنتظر أنهم على استعداد تام لنصرته وبذل النفوس بين يديه.

سادسا، ذلك الحضور الكبير يشكل موطئ إغاظة لكل الحاقدين والقتلة والتكفيريين، الذين يهددون مواكب العزاء وشعائر أهل البيت (ع)، ذلك الحضور والتجمهر والزحف مع التهديد من أولئك التكفيريين والإرهابيين والحاقدين على مذهب أهل البيت هو في حقيقته موطئ إغاطة لكل أولئك الحاقدين والقتلة، وإغاظتهم فيها أجر وثواب عظيم عند الله، قال تعالى في محكم كتابه عن عباده المؤمنين "وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ " 120 - سورة التوبة، فذلك الحضور لا شك أنه يغيظ كل الظالمين والحاقدين والإرهابيين التكفيريين وفي إغاظتهم أجر وثواب عظيم وانتصار لمبادئ الحق، جعلنا الله وإياكم من زوار الحسين (ع).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد