صدى القوافي

(طرقٌ على بابِ مُحدَّثةِ السَّمَاءِ)


حسين اللويم ..

توهَّجَ في وجهِ الضِّياءِ بها الذِكرُ
وشَعشعَ في أفلاكِها النَّجمُ والبدرُ
يسيرُ لها نظمٌ يُقلِّبُ طَرفَهُ
وفي رَكبهِ الإحساسُ والحرفُ والحِبرُ
فتغدو بها الأبياتُ دانيةَ الجَنى
كمالسِّحرِ من إبداعهِ يرتقي الشِّعرُ
لتَرفُلَ أبدانٌ بعسجدِ مولدٍ
وفيها تصاغُ الروحُ والصائغُ الدُّرُ
فيا أيُّها المسوسُ في حُبِّ فاطمٍ
أدر من هواها الرَّاحَ إنَّ الهوى خمرُ
وحلِّق بنورِ الله إنَّكَ جانحٌ
ورفرِف بأفراحِ البتولِ لكَ الأجرُ
وعرِّج على دارِ النِّبيِّ مُحَمَّدٍ
ترقَّب ستلقى الطُّهرَ يتبعهُ الطُّهرُ
ستسمعُ آياتٍ يُردَّدُ بِشرُها
وشانئُ طه لن يـبارِحُهُ البَترُ
ليُزهرَ محرابٌ ويُسفِرَ منحرٌ
وينموَ في حجرِ الهدى الـمُسكُ والعطرُ
هنالكَ حيثُ الله أنجزَ وعدهُ
وتمَّ عطاءٌ للعُلا زفَّهُ الفخرُ
تدورُ رحاها في فَناءِ عوالمٍ
وفي كفِّها التسبيحُ قد حَفَّهُ الزَّهرُ
يحيكُ خيوطَ الليلِ وِترُ صلاتِها
فيُنسجُ صبحٌ نقشُ أطرافهِ الفجرُ
تنامُ على زُهدٍ تورَّمَ ظهرهُ
حصيرتُها الإيمانُ جُدرانُها الصَّبرُ
وزينتُها الإيثارُ والجودُ بينما
يتوقُ لها الدِّيباجُ والشَّذرُ والتِّبرُ
تُقاسِمُها الأملاكُ أُنسَ حديثِها
فيُسقى بما قد حدَّثت في السَّما نهرُ
فأمُّ أبيها قد تعاظمَ سرُّها
ومن عِظَمِ الأسرارِ يُستَعظُمُ القدرُ
هيَ الحجَّةُ الكبرى على حُججِ الورى
تكاملَ فيها الحقُّ واستُحكِمَ الأمرُ
أفاطمُ إنِّي عند بابكِ واقفٌ
وبابكِ في قلبي وأشباهُنا كُثرُ
تجولُ بيَ الآمالُ والحبُّ موقفي
فأطرقُ طرقاً يستغيثُ بهِ العذرُ
أقبِّلُ أعتاباً وأرجو شفاعةً
أمدُّ يدَ الحاجاتِ إذ مسَّني الضُّرُ
وإنِّي مسكينٌ تيتَّمَ حالهُ
أسيرُ عذاباتٍ وحظَّهُ مُصفَّرُ
فوجودي عليهِ من رغيفِ عنايةٍ
فإنِّي أرى الإحسانَ منكِ هوَ الغَمرُ
أفاطمُ إنَّا في هواكِ حديقةٌ
تسامى لدينا التُّربُ واستلَّنا القَطرُ
نمدُّ ظلالَ الحبِّ بينَ أحبةٍ
تساووا لدى الرَّحمَنِ ليسَ بهم كِبرُ
لدينا سلالٌ من ثمارِ ولايةٍ
حلاوتُها الغفرانُ منبعُها الشُّكرُ
إذا طلَّ رأسُ الشكِّ يوقظُ فتنةً
وينفثُ نارَ الزَّيفِ دَيدَنُهُ الشَّرُ
ترينا نُجانبهُ ونحفظُ لُحمةً
وما كنَّا يوماً في حرائقهِ جمرُ
فنحنُ بكم أضلاعُ وحدةِ موقفٍ
تُشدُّ بنَا الأوتادُ إن أَغبرَ الدَّهرُ
ونحنُ بكم أقلامُ سِفرِ عقيدةٍ
أجلَّت مقامَ العقلِ طوَّقها الفكرُ
نجودُ بأعلامٍ تَسابقَ علمهُم
لوأدِ جهالاتٍ يُساقُ بها الغدرُ
صحائفِنا فيها الهدايةُ أشرقَت
فطافَت على الآفاقِ يَصحبُها البِشرُ
ومبدؤنا تبيينُ كلَّ حقيقةٍ
تُنجِّي من التيهِ الذي طمَّهُ البحرُ
ثوابتُنا ما أسقطتها زلازلٌ
وما شتتتها محنةٌ سيفُها الشِّمرُ
نُقيمُ الـمعالي في خِضمِّ زوابعٍ
نصونُ عُرى الإسلامِ ما همَّنا الكفرُ
محافظُنا ضُمَّت ببنكِ مودةٍ
قوائمُها الأرباحُ موعدُها الحشرُ
وتوقيعكُ الأسمى على سنداتهِا
فأنتِ التي في كفِّها الجنَّةُ البِكرُ

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد