صدى القوافي

*شَيَّعَتْهُ البَيَادِرْ* ..عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا *مَحْمُوْدَا*

 

قصيدة في رثاء السيد محمود الهاشمي الشاهرودي عليه الرحمة

هل يصير الخلود طوع فنائه
والردى خاتم بيمنى بقائه

الشهيقُ الذي أحال سماءً
أضلعا غابَ في شهيق سمائه

عاد بالضوء للسماء فقالت
امنحوا الشمس نسخةً من ضيائه

فتش الغيم عن قوام فلم يلق
سوى من أقام خلف نقائه

يخرج الآن من قوامٍ تعودناه
كي يسترد أبعاد مائه

وهنا تركض العلوم بساقَي
مصحف من غيابه للقائه

إنه عاش، عاش منذ رأيناه
صلاةً تؤم صف ثرائه

ليس أنفاسه سوى غرَفٍ كانت
مكانا لملتقى أنبيائه

ليس يدري من أي بُعدٍ يلمُّ
الحزنُ تأريخه إلى أرزائه

فلتفوه بالسلالِ، من النعشِ
أطلت مواسمٌ من عطائه

غرق الموتُ حينما انزاحَ بدرًا
في نقيضي رثائه وغنائه

هكذا الفقه يرتدي بزة الدربِ
ويغدو شوارعًا لسنائه

هكذا المرجع الذي يجعل النص
قطارا إلى محطات يائه

وقشورٌ تطايرت أي عمقٍ
شَرَّدَ البحرَ من كراسي اكتفائه

حينما تسهرُ المرايا على ملمحهِ
كي تفك لغز دمائه

وتفيق الحقول من حلم الخصبِ
وتأويله انبساط ردائه

ممسكا آخر المدى كدواةٍ
جعل الكون أحرفًا من ندائه

واستحال الدماغ من غيم فكرٍ
مطرًا طوع زرعه ونمائه

بقواماته تغص التماثيلُ
فلا تستطيع هضم بنائه

تسأل الرمز كيف تبني مجازا
لائقا بين مدحه ورثائه

الخيوط التي تسافر من كل
جهات الخفا لنسج كسائه

والمكانات وهي تبكي أسالت
دمعةً كالعراق فوق حذائه

واستظَلُّوا وباتَ أوسع من نعشٍ
مُعَدٍ حدائقًا من ولائه

يبحث الأفق عن فتىً يدفن
الشمسَ فما زال في المطالع تائه

فاض عن سائر التعاريف لما
شبَّ قِدرًا معاندا لغطائه

وتحوك الأصولُ سبعين عاما
من متاهاتِ بدئه وانتهائه

أودَعوه الفصول، قالوا سينمو
شجرًا من وجوده وانتمائه

وألحوا على التوابيت تغدو
مزهرياتِ شأنه وبهائه

العراق الذي على شكل إنسانٍ
أزاح الحدود عن أنحائه

دجلة والفراتُ أبناء جفنيه
وأيتامُ دمعه وبكائه

وكأن الحسين أعطاه مُهرا
ليثيرَ الغبارَ في كربلائه

أسمع الوعي صارخًا في رواق
العمقِ ما بين ثغرِهِ وعزائه

فجأةً والسكونُ ينهش صوتَ
الوعي فز الأذانُ من أصدائه

وعدَا بالغيابِ نحو انكشافٍ
والتآويلُ لعبةٌ في فِنائه

صدحَ الضوءُ، حيث تسترقُ الشمسُ
وقد بددت شكوكَ انطفائه

وخلاياه أصبحتْ مئذناتٍ
واستقرت عليه روح قبائه

ادفنوه بموعد إنه آتٍ
بأصدائه إلى جلسائه

افسحوا كومة البيانات إن
النجم أعلى من مدحه وثنائه

ثم كانت كواكب الفكر تطفو
بالمدارات في فضاء وعائه

النبوغ الذي يدشن مشروع
فقيه يعده لاصطفائه

وأفاق البراقُ من تخته
من ذا العروجُ الذي أتى لامتطائه

نافرا كالرياح فوق شراع الفكر
يمضي عن انكماش ورائه

قالت الأرض والمسافات: خذ لي
نفسًا يملأ المدى من هوائه

سنواتٌ أم يا ترى خارطاتٌ
أوصلته إلى انكشاف حرائه

قيل هذا الذي تفتح ورد
الفكر والوعي في طريق دلائه

لنرى أن للصفاء نبيًا
يقف النهر حائرا في صفائه

شيعته بيادرٌ، رُفِعَ النهرُ
وسارَ الحصادُ خلف ارتقائه

فجوةٌ في كتابها، بسملاتٌ
نقصت منذ شيعوا حرف بائه

سيد أحمد الماجد
26/12/2018م

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد