لقاءات

عقيل الرسام: الفنان كإنسان يتفاعل مع قضايا أمته ويعيش فرحها وآلامها


نظمية الدرويش ..

عوالم بعظمتها تُختزل، نعم، وتلك التي في دواخلنا أيضًا. قد تختزل وقد تصبح أرحب بعد أو أجمل أو قابلة للتصديق أكثر من واقعها، كل هذا في كادر صغير وبريشة فنان قد يسميه البعض ساحر الألوان. وإن كان هو الأجدر للفرح أو الحزن لا فرق فكلاهما غير ملموسين إلا على شاكلة تموجات ريشة ذاك الساحر، فهو الأصدق أيضًا، وكأي فنان، الأصدق في التعبير عن الناس والأوطان ولوحاته مرايا تنظر إلينا ونتطلع إليها.


وللبحرين وشعبها هو الابن البار الذي أعطاها أكثر من نصف عمره فنًّا وعمره بكامله حبًّا تتوج في لوحاته انتماءً وإخلاصًا. هو الفنان التشكيلي عقيل حسين صاحب الأعمال الفنية المتنوعة والنشيط الحاضر دائمًا في الأنشطة الفنية المختلفة، والذي كان لنا معه هذا الحديث.
الفن التشكيلي العربي والمعاصر


كان لا بد من البدء من واقع الفن التشكيلي اليوم في عالمنا العربي عمومًا والبحرين خصوصًا، وبحسب الأستاذ عقيل الرسام فالفن التشكيلي في العالم العربي فن متطور ويسابق ليكون له قدم بين صالات العرض. ونجد أنه في البحرين بدأ هذا الفن يأخذ مكانه كفن له مكانته وله حضوره في صالات العرض والمهرجانات والورش. ويعتقد الرسام أن التقنية الحديثة وأدوات التواصل الاجتماعي ساعدت من حضوره أكثر وتواجده مع الجمهور في كل مكان والتعرف على الفن والفنان عن قرب ومتابعة أعمالة أولاً بأول.


يعتقد ضيفنا أن مرحلة تزاوج الفنون وتقارب الثقافات هي ثمرة عصر الإنترنت الذي جعل العالم كقرية صغيرة وبالتالي تم التعرف على الخط العربي والزخرفة ودخول هذه المفاهيم وهذه الوحدات في اللوحة وتأسيس لمرحلة وفن جديد شمل الفن التجريدي والواقعي والسريالي والتعبيري وبروز المدرسة المفاهمية أيضًا من أهم ثمار هذه المرحلة.

الرسالة والهدف
كفنان عربي معاصر، الرسالة التي يسعى إلى تقديمها الفنان عقيل الرسام للعالم، هي أن العربي إنسان وله حضارته وعاداته وتقاليده وبيئته التي يعيش فيها، وانعكاس ذلك من خلال اللوحة وتقديمها بفن ولون. يقول الرسام "هدفي هو اللوحة التي تحمل مضمونًا يقارب ويلامس إحساس المتلقي ولي بصمة خاصة فيها".

 

ومن خلال هذه الأعمال استطاع عقيل الرسام أن يحجز لنفسه مركزًا هامًّا في أهم المعارض والنشاطات في البحرين وخارجها منها معارض وزارة الإعلام من 1984 – 2010 م  ومعرض الربيع 1982 – 1986، كما لازم معارض جمعية البحرين للفن المعاصر في الفترة بين 1981 – 1993 وشارك بأعماله في جمعية البحرين للفن المعاصر في بنالي الكويت وبنالي عمان بالإضافة إلى مشاركته في الذكرى 60 على تأسيس الأمم المتحدة ب جنيف 2006.


ولذلك يؤمن الأستاذ عقيل بأن الفن هو شراكة بين الفنان والجمهور. "الجمهور هو مصدر إلهام وتشجيع للفنان لذلك الفنان كإنسان يتفاعل مع قضايا أمته ويعيش فرحها وآلامها ويجب أن يكون حضوره دائمًا بين الجمهور".


البحرين الحاضنة الفنية
يعتبر ضيفنا أهم المحطات التي صقلت شخصية عقيل الرسام الفنان هي ثورة الإمام الحسين (ع). يتذكر الرسام تجربته الفنية مع هذه المناسبة المقدسة والمتجذرة في الثقافة البحرينية، "كنت أحد رموز الحركة الفنية في موسم عاشوراء والتي قدمت فيها عملًا فنيًّا في عام 1999 يتكون من 17 مقطعًا يحكي قصة استشهاد الإمام الحسين". وتحت مسمى الملحمة الحسينية "أحرم الحجاج" والتي كانت مستقاة من قصيدة الشاعرة الشيخ حسن الدمستاني وتتناول خروجة الإمام من مكة والمسير إلى كربلاء فالوداع والاستشهاد والسبي وتقديم رأس الإمام الحسين إلى يزيد.


يفرح الرسام ببلده الحاضن للفن التشكيلي بحيث أن المعارض في البحرين متنوعة وكثيرة إلا أنه لا يخبئ امتعاضه حول إهمال معرض البحرين السنوي للفنان البحريني الذي صار يقدم عروضًا للفن التجريدي والحديث والتجارب المفاهمية، وإهمال الفنان الكلاسيكي وإبعاده عن صالات العرض الرسمي.
يتأسف الفنان لقيام ركائز الفن في البحرين اليوم فقط على جهود فردية وأنشطة مجتمعية محدودة بمواجهة قلة الاهتمام الرسمي وانخفاض التمويل.


من فنان إلى كل فنان
"نصيحتي للشباب العمل بجد ومزاولة هذا الفن وتسجيل الحضور من خلال محطات التواصل الاجتماعي والمشاركة الدائمة كمجموعات وكأفراد في الأنشطة المجتمعية والمواسم التي تجعل هامشًا للفن. وتقديم الفن وإبراز الجانب الرسالي منه والذي يشكل هوية ورسالة الفنان كعربي ومسلم ..... والحمد لله رب العالمين".


بهذه الكلمات يختم حديثه معنا.
أما خلاصتنا فتقول: إن من يدرك قيمة أن تحول لوحة من جماد إلى نافذة على عوالم تسحر العيون وتأسر النفوس يدرك أن الفن التشكيلي في العالم العربي لم يأخذ حقه بعد.