لقاءات

ياسر آل غريب: الحسين (ع) قصيدة لا تنتهي

شاعر تربى على حب الحسين (ع) وآل البيت عليهم السلام، فأبحر في عالم الشعر والكلمة، ليوصل رسائل هادفة في شعره وهو القائل: "من أراد الكتابة في الحسين فليتجه إلى الحسين الإنسان أولًا، سيجد كل الكون مجتمعًا في شخصيته الاستثنائية التي ألهبت الضمائر"... إنه الشّاعر ياسر آل غريب، الذي صدر له عدد من الدواوين الشّعرية، والحاصل على مجموعة من الجوائز الأدبية المحلية والدولية.

 

حاورته: *نسرين نجم* 

 

(في أجواء أربعين الإمام الحسين (ع) إذا أردنا ان نسأل عن واقعة الطف، كيف يقدّمها الشّاعر ياسر آل غريب شعرًا؟ وإلى أيّ حدّ تختزن كربلاء من الصّور الشّعرية؟).

 

لو كانتِ (الطّفُّ) حربًا لانتهتْ ومَضَتْ!!

وأصبحتْ متحفًا للرُّمْحِ والسَّيْفِ!!

لكنَّها  كِلْمَةُ اللهِ التي ارتسمَتْ

ظهيرةَ العاشرِ الـمُحَمَّرِ بالنّزْفِ

من (الحسينِ) تَعَلَّمْتُ النَّدى، ولكم

رأيتُ حُريَّتي في هيأةِ الـحَتْفِ

كربلاء فكرة مركزيّة في نصّ الحياة، لا نستطيع الانفكاك عنها، فهي قضيّة إنسانيّة بأبعادها المختلفة، نفكّر فيها ونفكر بها أيضًا، ومن هنا اتّسعت دلالاتها، وأصبحت بحرًا زاخرًا بالمعاني على مر العصور.

 

(كيف تنظرون إلى تطوّر الشّعر الحسينيّ بين الماضي والحاضر؟ وهل أدى غرضه ورسالته؟).

 

ما قيل من شعر في شأن كربلاء بوجه عام، هو أكثر وأغزر مما قيل في أي موضوع آخر منفرد على الإطلاق.

من النّاحية النّفسيّة، مرّ الشّعر الحسينيّ بحالات متعدّدة، فهو ليس بكائيّات فقط، إنما يكتنز بروح المجابهة والتّحدّي؛ مما عرّضه لمزيد من التّهميش والتّضييق في نشأته الأولى، لكنّه رغم الظّروف التي ألـمّت به، آخذ في التّجدّد مع مرور الأزمنة، فهو صورة من صور التّحولات الأدبيّة، مؤدّيًا رسالته الكبرى.

 

(ما هي المكوّنات الأدبية أو الخصائص التي يجب أن تتوفّر في القصيدة الحسينيّة لتصل إلى كلّ العقول والاتّجاهات وتصبح عالميّة؟). 

 

الشّعر الحسينيّ على مرّ العصور ظلّ متمسّكًا بالسّرد التّاريخيّ والإيغال في تفاصيل المأساة، وظلّ الشّاعر راويًا أمينًا، ينقل لنا الأحداث كوثائق تاريخيّة تحتفظ بها الأجيال، لتصبح ذاكرة كبرى مصحوبة بالنّكهة العقائديّة، ولكنّ هذا الشّعر لم يقف عند هذا الحدّ، فقد صاهر الواقع وأصبح متسلّحًا بالرّؤية الواقعيّة، وظلّ مجابـهًا برمزيّة الشّهيد الشّخصيّة، ورمزيّة كربلاء المكانيّة، وعاشوراء الزّمانيّة، ولا شكّ فهو مشروع إنسانيّ يُقدّم للعالميّة.

 

(كيف يمكن للشّعر الحسينيّ أن يعرّف بقضايا المجتمع بين كونه وسيلة أدبية، وبين كون الحسين (ع) ثائرًا على الظلم؟).

 

أستطيع القول: إنّ الشّعر الحسينيّ أنساق متعدّدة وآفاق متجدّدة، لقد كان مرآة عصره بهذا الامتداد الإبداعيّ الذي خرج من تلك النّصوص المؤسِّسة الأولى، فجاب عوالمه الخاصة به في العصر الحديث.

وفي عصر نجد أنّ هذا الشّعر مرتبط بالمجتمع ارتباطًا وثيقًا، فهو خزانة مليئة بالهواجس المحيطة بنا. لقد انعكست نهضة الإمام الحسين (ع) في كلّ مفصل من مفاصل حياتنا.

 

(إلى أي حدّ برأيكم، ربط الشّعر الحسينيّ الشّباب أكثر فأكثر بعقيدة أهل البيت (ع)، وما هي مسؤولية الشاعر تجاه الصّورة والمضمون لاسيما في ظلّ التّحدّيات الثّقافيّة والفكريّة والشّعرية التي نواجهها؟).

 

الشّعر الحسينيّ ما هو إلّا خادم للعقيدة وسادن للتّاريخ، استطاع أن يكون شعارًا  بما يمتلك من الوجدان والفكر،  وتكمن أهـمّيته بكونه مسؤولًا بتحسين الذّائقة، كان المنبر الحسينيّ الرّافد المهمّ الذي زوَّد المجتمع بالنّماذج التّراثيّة من أدب الطّفّ، فعلى سبيل المثال، تعدّ تائيّة دعبل الخزاعي المعلَّقة الولائيّة الأكثر شهرة التي تفيض بحرارة العاطفة.

في العصر الحديث تواجه الشّاعر عدة تحديات في كيفيّة حمله لتلك الشّعلة التي سلّمها الشّعراء السابقون إلى اللاحقين.

 

(كيف يمكن التّجديد في الشّعر الحسينيّ؟ وهل لا يزال ضمن الإطار التقليدي؟).

 

من المفترض أنّ كلّ كتابة تعدّ إضافةً وإبداعًا، ومن اللافت للنّظر أنّ الشّعر الحسينيّ محافظ على تراثيّته، وكذلك هو قابل للتّجديد، مثلًا لو أخذنا  قصيدة (وجه الصباح) للسّيّد جعفر الحلّي نجدها خالدة بلغتها الرّصينة، لكنّنا لا نتوقّف عندها فقط، فالّلغة تتجدّد مع مرور الأزمنة وفق متغيّرات كثيرة تطرأ على الشّعر  والأدب عامّة.

(ما هي رسالتكم لمن يرغب في خوض غمار الكتابة الحسينيّة؟ وما هو جديدكم؟).

الكتابة في الحسين هي تجربة حياة طافحة بالحرارة والعنفوان، من أراد الكتابة في الحسين فليتّجه إلى الحسين الإنسان أوّلًا، سيجد كلّ الكون مجتمعًا في شخصيّته الاستثنائيّة التي ألهبت الضّمائر.

على الشّاعر أن يتزوّد بالمصابيح الأولى حتى يصل إلى ضوئه الخاصّ، لكن هذا يحتاج إلى المزيد من الاشتغال المعرفيّ والرّوحيّ في لحظة واحدة.

أمّا بالنّسبة لجديدي في هذا المجال أنجزت كتابي (تجلّيات الهويّة في الشّعر الحسينيّ الحديث) استعرضت فيه تجارب مجموعة من الشعراء العرب كالجواهري والسياب ومحمّد العلي وغيرهم. إضافة إلى كتابة القصائد السّنويّة، فالحسين قصيدة لا تنتهي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد