قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عن الكاتب :
أحد مراجع التقليد الشيعة في إيران

كيف رأى ذو القرنين الشمس تغرب في عين حمئةٍ؟

 

الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السؤال:
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم في قصة ذي القرنين: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) الكهف: 86. 
ما المراد بالعين الحمئة؟ وكيف يمكن للشمس وهي بهذه العظمة أن تغرب في عين حمئة؟ وألا يتنافى هذا المعنى مع كروية الأرض ودورانها حول الشمس والاكتشافات العلمية الحديثة ؟
الجواب:
وفقاً لآخر الأبحاث التي توصل إليها علماء الإسلام والمفسرون الأجلاء حول قصة ذي القرنين، يكون معنى الآية المذكورة كالتالي:
كان ذو القرنين يواصل مسيرته نحو المغرب حتى وصل إلى ساحل البحر (وثمة خلاف بين المفسرين حول كون المراد من البحر هو المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط؛ أو أن ذا القرنين وصل في تقدمه إلى أطراف دولة المغرب أو مدينة أزمير التركية).
وعلى أية حال، كان ذو القرنين واقفاً على ساحل البحر لحظة غروب الشمس. وبما أن الواقف على ساحل البحر أثناء غروب الشمس يبدو له أنها تغطس فيه لحظة غروبها نتيجة كروية الأرض، لذا فإن القرآن الكريم بيّن تلك اللحظة وأوضح إحساس ذي القرنين في تلك الآية المباركة.


وعلى هذا الأساس، تتفق هذه الآية الكريمة مع كروية الأرض تماماً؛ والمراد بالعين الحمئة هنا هو ذلك البحر الذي غربت الشمس في نهاية أفقه أو خلفه فبدا للناظر (ذي القرنين) أنها تغرب فيه.
وثمة سؤال آخر يطرح في هذا المجال هو: لماذا عبّر القرآن الكريم عن البحر بالعين؟ وأجاب المفسرون عن ذلك بما يلي:
أحد المعاني السبعة للعين هو الماء الكثير ومصبّ المياه. وبما أن ماء البحار والمحيطات كثيرة، ومياه الروافد والشواطئ والأنهر تصب في البحار، ومياه البحار تتصل بالمحيطات؛ لذا عبّر القرآن الكريم عن البحر بالعين.
وأما الأسباب التي دعت القرآن إلى التعبير عن مياه البحار بالحمئة (وهي السوداء والنتنة والمكدرة) فهي كثيرة منها:
1- تكون مياه سواحل البحار منتنة وعكرة بسبب مياه الأنهار الممتزجة بالوحل والتي تصبّ في البحار.
2- لما تسقط أشعة الشمس على مياه البحار أثناء غروبها يتغير لون تلك المياه إلى الكدورة، فوصف القرآن الكريم تلك المياه بالكدرة لهذا السبب.
3- كلما ازدادت المياه عمقاً بدت سوداء من أثر شدة زرقتها؛ وبما أن المياه التي كان ذو القرنين ينظر إليها كانت عميقة لذا كانت تبدو له كأنها سوداء وكدرة، فعبّر عنها القرآن الكريم بالعين الحمئة(1)
________________________________________
1- تفسير المراغي: 16/ 17؛ تفسير مجمع البيان: 7/490؛ الطنطاوي: 9/200؛ المنجد ومفرادات الراغب، ذيل كلمة "حمئة" و"عين"؛ قصص القرآن، ذيل كلمة "ذو القرنين".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد