علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

الترتيب الزمني لتشكّل كواكب النّظام الشّمسي

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

هل الكواكب في النظام الشمسي ا(المجموعة الشمسية) الأقرب إلى الشمس أقدم عمرًا من تلك البعيدة؟ - سؤال طرحه صبي اسمه غاڤرييل، سنّه 10 سنوات، من ولاية كنتاكي.

 

سحابة من الغاز المنهار شكّلت شمسنا، وهي أول ما تشكّل في نظامنا الشمسي، والذي حدث قبل حوالي 4.5 مليار سنة. [سحب الغاز المنهارة تشير إلى العملية التي تعرّضت فيها سحابة من الغاز والغبار للانهيار الثقالي - بفعل الجاذبية، مما يفضي إلى تكوين أنوية كثيفة تؤدي في النهاية إلى ظهور نجوم أو أنظمة نجمية - كالنظام الشمسي (1، 2)]

 

ثم بدأت الكواكب بالظهور، حيث تحوّلت المليارات من جزيئات الغاز والغبار المتبقية من تشكل الشمس إلى قرص مسطح. عُرف كقرص كوكبي أولي (أو قرص كوكبي دوار من الغازات الكثيفة والغبار) (3، 4) بأنه قرص كوكبي ضخم، وكان يحيط بالشمس بسمك يبلغ مليارات الأميال. داخل القرص، بدأت جزيئات (جسيمات) الغاز والغبار بالتصادم والتصلب والالتصاق ببعضها بعض، كم تتكتل رقاقات الثلج لتشكل كرات ثلجية.

 

بالتصاق الجسيمات ببعضها، أصبحت الحبيبات المجهرية أجسامًا بحجم حصاة (تتراوح في الحجم بين 4 - 64 مم، بحسب التعريف) (5)، ثم كبرت وكبرت حجمًا. أصبح بعضها صخورًا بحجم كرات البيسبول (229 - 235 مم)، وبعضها الآخر بحجم بيت، وبعضها بحجم كوكب. هذه العملية، التي تُسمى التنامي [التنامي في علم الفلك (هو نمو جرم سماوي وذلك بجذب مزيد من المواد التي حوله عن طريق جاذبيته، خاصة المواد الغازية والغبار في قرص التنامي وهو قرص رقيق من الغاز والغبار حول النجم، يشبه في ذلك حلقات زحل)] (6، 7)، نتج عنها كل شيء في النظام الشمسي - الكواكب، والأقمار، والمذنبات، والكويكبات.

 

خط الجليد

 

بدراسة النماذج الحاسوبية ومراقبة تكوّن أنظمة نجمية أخرى (وهي مجموعة صغيرة من النجوم تدور حول بعضها وترتبط بقوى جاذبة) (10)، عرٓف علماء الفلك، بمن فيهم أنا [الكلام لـ البرفسور كريستوفر بالما Christopher Palma] (11)، الكثير عن البدايات الأولية لنظامنا الشمسي.

 

عندما كانت الشمس لا تزال في طور التشكل وكان القرص الكوكبي الأولي (3) يُكوّن الكواكب، كانت هناك مسافة من الشمس باردة بما يكفي لتجمع الجليد. كان هذا المكان، المعروف بخط الجليد - ويُسمى أحيانًا بـخط الثلج (12، 13) - يقع فيما يُعرف الآن بحزام الكويكبات (14)، الواقع بين المريخ والمشتري.

 

في هذا الزمان الحاضر، بالطبع، يوجد جليد على كل كوكب تقريبًا، حتى على عطارد (أقرب الكواكب إلى الشمس) (15). ولكن حين كانت الشمس في طور التشكل، كانت الكواكب الأولية الفتية الواقعة خلف خط الجليد فقط باردة بما يكفي لتكوين جليد. الجليد والغاز والغبار، بعد اصطدامها بقوة ببعضهما بعض تراكمت على مدى ملايين السنين، في أجرام هائلة وأصبحت في النهاية كواكب عملاقة - وهي المشتري (الكوكب الخامس من حيث البعد عن الشمس) وزحل (الكوكب السادس من حيث البعد عن الشمس) وأورانوس (الكوكب السابع من حيث البعد عن الشمس) ونبتون (الكوكب الثامن من حيث البعد عن الشمس وبذلك هو أبعد الكواكب الذي يدور حول الشمس).

 

أثناء هذا الحدث، كواكب أصغر داخل خط الجليد كانت تتشكّل أيضًا. ولكن بسبب قلة المواد الخام (الغازات) التي تحتاجها للتشكل، كواكب عطارد (أصغر الكواكب وأقربها من الشمس) والزهرة (الكوكب الثاني من حيث البعد عن الشمس وأعلى الكواكب في درجة الحرارة) والأرض (الكوكب الثالث من حيث البعد عن الشمس) والمريخ (الكوكب الرابع من حيث البعد عن الشمس) أخذت وقتًا أطول بكثير في التشكّل من الكواكب القريبة.

 

يُعتقد اليوم أن كوكبي المشتري وزحل، أكبر الكواكب، كانا أول ما تشكّل بشكل كامل (16)، وكلاهما في غضون ملايين قليلة من السنوات. وجاء أورانوس ونبتون التاليان لهما في التشكل، حيث تشكّلا في غضون 10 ملايين سنة. الكواكب الداخلية (الأقرب إلى الشمس)، بما فيها كوكب الأرض، أخذت 100 مليون سنة على الأقل للتشكل، وربما أطول.

 

بعبارة أخرى، الكواكب الأربعة (عطارد والزهرة والأرض والمريخ) الأقرب إلى الشمس هي الأجد (الأصغر سنًا) من حيث التشكّل، والأقدم نسبيًّا من هذه الكواكب الأربعة هما الكوكبان الأكثر بعدًا عن الشمس (نبتون وأورانوس)، والكوكبان الواقعان بين الكواكب الأربعة وبين الكوكبين الأبعد عن الشمس (زحل والمشتري) هما الأقدم على الإطلاق من حيث التشكل. ربما يبلغ فارق العمر بين أحدث الكواكب وأقدمها 90 مليون سنة. قد يبدو هذا فارقًا هائلاً، لكن على المستوى الفلكي، 90 مليون سنة ليست بالطويلة جدًّا (17) - وتمثل أقل من 1% من إجمالي عمر الكون (18). لتوضيح ذلك: تخيل الأرض أختًا صغيرة (من حيث العمر) لأخ أكبر منها عمرًا وهو كوكب المشتري، الذي يكبرها بسنتين أو ثلاث سنوات.

 

الموقع، الموقع، ثم الموقع من الشمس

 

بعد فترة وجيزة من تشكل الكواكب العملاقة، بدأت بالهجرة، إما باتجاه الشمس أو بعيدًا عنها، قبل أن تستقر أخيرًا في مداراتها النهائية.

 

على سبيل المثال، هاجر كوكب نبتون بعيدًا عن الشمس، متبادلًا موقعه مع كوكب أورانوس (19)، دافعًا الكثير من الأجسام الجليدية الصغيرة إلى حزام كايبر (20)، وهو مكان في النظام الشمسي الخارجي يضم الكواكب القزمة بلوتو وإيريس وماكيماكي وملايين المذنبات (21).

 

في هذا الأثناء، تحرك المشتري نحو الداخل، وأجبرت جاذبيته الهائلة بعض الكواكب على التحرك باتجاه الشمس، حيث تفككت وتلاشت. وفي هذه الأثناء، قذف المشتري بعض الصخور الأصغر حجمًا خارج النظام الشمسي بشكل كامل؛ وذهب الباقي إلى حزام الكويكبات (22).

 

لكن الأهم من ذلك، أنه مع استقرار كوكب المشتري (بجاذبيته الهائلة) في مداره، حرك جميع الأجرام التي كانت في طور التكوين، ومن المرجح أنه حدد موقع الكواكب الداخلية المتبقية، بما فيها الأرض (23).

 

ساهمت جميع حركات المشتري في وضع كوكب الأرض فيما يُسمى بـ "النطاق الصالح للحياة (24)"، وهي منطقة تقع على بُعد مناسب تمامًا من الشمس، حيث يمكن أن تحتوي الأرض على ماء سائل على سطحها ودرجة حرارة مناسبة لتطور الحياة. لو لم يتشكل كوكب المشتري بهذه الطريقة، لكان من الممكن تمامًا ألّا تنبثق حياة على الأرض - ولما كنا موجودين على سطحها اليوم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- https://www.sciencedirect.com/topics/physics-and-astronomy/collapsing-clouds

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/انهيار_تثاقلي

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/قرص_كوكبي_أولي

4- https://science.nasa.gov/resource/protoplanetary-disk/

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/حصى_الشواطئ

6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تنام_(فيزياء_فلكية)

7- http://https://www.astronomy.com/science/the-physics-of-accretion-how-the-universe-pulled-itself-together/

8- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/تشكل_المجموعة_الشمسية_وتطورها

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/نجم_أولي

10- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/نظام_نجمي

11- http://https://scholar.google.com/citations?user=uThRO-cAAAAJ&hl=en

12-  "خط الثلج (خط الصقيع) ice line هي المسافة الدنيا من النجم الأولي المركزي للقرص الكوكبي الأولي الشمسي حيث تكون درجة الحرارة منخفضة بما يكفي لتكثيف المركبات المتطايرة، مثل الماء والأمونيا والميثان وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون، إلى حبيبات صلبة، مما يسمح بتراكمها في كويكبات صغرى (13)". مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Frost_line_(astrophysics)

13- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/كويكبي_صغري

14- https://ar.wikipedia.org/wiki/حزام_الكويكبات

15- https://www.pbs.org/wgbh/nova/article/ice-found-mercury-closest-planet-sun/

16- https://science.nasa.gov/exoplanets/how-do-planets-form/

17- https://science.nasa.gov/universe/overview/

18- https://imagine.gsfc.nasa.gov/science/featured_science/tenyear/age.html

19- https://science.nasa.gov/neptune/neptune-facts/

20- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/حزام_كايبر

21- https://en.wikipedia.org/wiki/Solar_System

22- https://ar.wikipedia.org/wiki/حزام_الكويكبات

23- http://https://astrobiology.nasa.gov/news/jupiters-grand-tack-reshaped-the-solar-system/

24- https://ar.wikipedia.org/wiki/نطاق_صالح_للحياة

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/in-what-order-did-the-planets-in-our-solar-system-form-252262

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد