يختلف العلماء والباحثون في علم الأخلاق النظري في تقسيم المذاهب الأخلاقية المتعددة، بين مفضل لها بتعداد سائر الاتجاهات، وبين مجمل لها بذكر أصولها، والسبب في ذلك أن طائفة منهم ربطت المذاهب الأخلاقية بالمذاهب الفلسفية فى المعرفة الإنسانية، من الواقعية والمثالية والعقلية، والحدسية، والتجربية، والمادية، والتشكيكة وغير ذلك.
وهذا المسلك وإن أمكن تطبيقه على بعض المذاهب الأخلاقية، فإنه يكون امتداداً لتلك المسألة إلا أنه لا يمكن تطبيقه على البعض الآخر مثل الأخلاق المسيحية، فإن لها خصائص ما يخالف تلك الاتجاهات.
وطائفة أخرى أرجعت الاختلاف بعينه إلى الاختلاف في الغاية، وأنها هي المنفعة - سواء كانت فردية أو اجتماعية - وابتغاء اللذة والسرور، ودفع الآلام والشرور. وهذا المنهج كسابقه، فإن كثيراً من المذاهب يخرج عن هذا التقسيم. وطائفة ثالثة ذهبت إلى أن المناط هو الوجدان والزهد والتقشف؛ كما يراه الاتجاه الصوفي.
والحق أن شيئاً مما ذكر لا يصلح لأن يكون المناط في تقسيم المذاهب الأخلاقية، بل إذ جميعها تتفق على أن الكمال والسعادة هما الغاية القصوى والمقصد الأسنى للإنسان، وإنما الاختلاف في ما يصدق عليه الكمال والسعادة، فالاختلاف في المصداق فقط، وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم المذاهب الأخلاقية إلى ثلاثة:
الاتجاه العقلي:
الاتجاه الذي يعتبر العقل هو الذي يحدد الغاية في حياتنا؛ وأنه الباعث الذي يحفزنا إلى ابتغاء الحياة السعيدة والعزوف عن الذات، وأنه الداعي إلى الطاعة لأوامر الشرع أو العقل، وأصحاب هذا الاتجاه يعترفون بأصول مسلمة لا يمكن العدول عنها، كحسن العدل، وقبح الظلم وأمثال ذلك، فلا بد للإنسان - الذي يتميز عن سائر الكائنات بطبيعته العاقلة - أن يتصرف وفق القوانين المجعولة من نبل العقل أو الشرع، وفي ذلك ابتغاء السعادة.
ويشمل هذا الاتجاه من المذاهب الأخلاقية المذهب الحدسي، والواقعي، والمثالي، وبعض المذاهب اليونانية القديمة، أمثال الرواقيين والأفلاطونيين وغيرهم.
الاتجاه المادي:
وهذا الاتجاه يرفض كل القيم الإنسانية المسبقة، التي تحدد للإنسان سلوكه، والتي لها التأثير في تشكيل حياته، بل يعتبر عامل المادة له الأثر الكبير في سلوك الإنسان، وزاد بعضهم أن الأفكار والمشاعر والرغبات والقيم الخلقية والجمالية، هي وليدة النظام الاقتصادي وما يستلزمه من العلاقات بين الأفراد بعضهم مع بعض، وأن المنفعة سواء في شكلها الحسي أو العقلي، هي وحدها الخير الأقصى والمرغوب لذاته، وأنها السعادة، والضرر والألم وحده هو الشر الأقصى، فالأفعال الإنسانية لا تكون خيراً إلا إذا حققت النفع مطلقاً، وإذا جلبت ضرراً أو عاقت عن وصول النفع، كانت شراً.
وبالجملة: إن في هذا الاتجاه - على اختلاف مذاهبه - يتوجه النظر على نتائج الأفعال وآثارها، بلا فرق بين أن تكون المنفعة فردية حسية عاجلة، كما في مذهب القورنائيين، أو حسية وعقلية وروحية، كما في مذهب الأبيقورين، وجميعهم أصحاب اللذة الفردية الأنانية.
نعم، تحول بعض المذاهب إلى منفعة المجموع والقول بالصالح العام، ولكنه لا تخرجها عن ابتغاء اللذة والمنفعة، ولذا دعوا جميعاً بـ (الأنانيين) حتى في تصورهم للصالح العام، وتشترك جميع هذه المذاهب في تقييد حرمة الفرد، والقول بالجبر الأخلاقي والفوضى في الأخلاق. ومن ذلك يعرف أنه لا علاقة بين الفكر الفلسفي والمذهب الخلقي في هذا الاتجاه.
الاتجاه الصوفي:
وفي هذا الاتجاه يتنكر الإنسان للمادة في جمع مظاهرها، وأن العزوف عن ملاذ الدنيا هو المناط في الأخلاق الفاضلة، ويرى أصحابه أن السعادة هي الابتعاد عما يشغل بال الإنسان عن التفكر، والكمال هو الوصول إلى مرحلة يصل بها إلى درك الحقائق، وفي هذا الاتجاه تعتبر المحبة أصلاً لكل خير.
هذه هي الاتجاهات الأساسية للمذاهب الأخلاقية المختلفة المتعددة، وهي جميعها قد أخفقت في حل المشكلات الخلقية للإنسان، سواء الفردية أو الاجتماعية، ولم يصل الفرد بها إلى ما يصبو من السعادة والكمال، بل لم تجلب للإنسان إلا الشقاوة، والوقوع في صراعات فكرية لا يجتنى منها فائدة تذكر.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ شفيق جرادي
الشهيد مرتضى مطهري
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
اختيار النبيّ (ص) لخديجة (ع)
المذاهب الأخلاقية
معنى أن الأئمة (ع) وجه الله
معنى لفظة (ألو) في القرآن الكريم
كيف استظلَّ يونس بشجرة اليقطين؟!
تشريع التوسل في الإسلام
مشاهير مفسّري الشّيعة في القرون الأربعة الأولى (2)
معنى كلمة (سلّ) في القرآن الكريم
نسخة مزيدة من كتاب: (عشرون منقبة في أسبقية الإمام علي) للشيخ عبدالله اليوسف
الحداثة وأولويات الوعي العربي – الإسلامي