الشيخ الطوسي ..
ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ للشيء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺫﻛﺮ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺮﺿﺎً ﻭﻣﺤﺪﺛﺎً ﻭﺣﺎﻻً ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ: ﺿﺮﻭﺭﻱ، ﻭﻣﻜﺘﺴﺐ. ﻓﺎﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺩﻓﻌﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺳﺒﺐ.
ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﻭﻝ ﺃﻭ ﻻ ﺃﻭﻝ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﺃﻭ ﻣﻨﺘﻔﻴﺎً، ﻭﻣﺎ ﺷﺎﻛﻞ ﺫﻟﻚ ..... ﻭﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻭﺟﻮﺑﺎً ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﻣﻊ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻠﺒﺲ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺳﺒﺒﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ. ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﻴﻪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ ﻋﻨﺪ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﺭﺱ. ﻭﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺐ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﺘﻮﻟﺪﺍً ﻋﻦ ﻧﻈﺮ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻧﻈﺮ. ﻓﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﻓﺴﻨﺬﻛﺮ ﺃﻭﺻﺎﻓﻪ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻨﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﺒﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﺘﺒﻪ ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻧﻈﺮﻩ ﻓﻌﻞ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍً ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍً ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻋﻠﻤﺎً. ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ ﻷﻧﻪ ﻣﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﺎً ﻋﻦ ﻧﻈﺮ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺘﺮﺗﺒﺖ ﻓﺤﺴﻦ ﺗﺮﺗﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﺘﺮﺍﺥ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻓﻪ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﺴﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻨﺎ، ﻟﻮﺟﻮﺏ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺩﻭﺍﻋﻴﻨﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ، ﻓﻔﺎﺭﻗﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎﻩ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﺪﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﺸﻚ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺃﻣﻜﻨﻪ ﺣﻞ ﻛﻞ ﺷﺒﻬﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓﻴﻪ ﻓﻼ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻟﻬﻢ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺇﻧﻤﺎ ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻇﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻇﻦ ﻭﺣﺴﺒﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎً ﻳﻘﻴﻨﺎً. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻈﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ.
ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻜﺮ، ﻭﻳﺠﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﻭﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻔﻜﺮﺍً ﻭﺑﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺮﻳﺪﺍً ﺃﻭ ﻛﺎﺭﻫﺎً. ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺍلشيء ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ. ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺑﺄﻏﻴﺎﺭﻫﺎ شيء ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﺃﻭ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ. ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻭﻣﺮﻳﺪﺍً، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺎﻇﺮﺓ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺎﻋﻠﺔ. ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺎﻫﻴﺎً ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺃﻭ ﻇﺎﻧًّﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍً.
ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺃﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻇﻨﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﻈﻦ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻠﻢ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻦ ﺷﺒﻬﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻛﻮﻥ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻟﺪﺍً ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﺎً ﻓﻲ ﺩﻟﻴﻞ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎً ﻟﻠﻈﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﺎً ﻓﻲ ﺃﻣﺎﺭﺓ ﻭﻣﺘﻌﻠﻘﺎً ﺑﻬﺎ. ﻭﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻟﻴﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﻧﻈﺮﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍً ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻪ ﺻﺢ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﻧﻈﺮﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﺯﻳﺪﺍً ﻗﺎﺩﺭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﻇﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﻟﻢ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻈﻦ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﻇﻨﻪ، ﻓﻼ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍً ﻣﻊ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ.
ﻭﻣﺘﻰ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛﻮﻧﻪ ﻧﺎﻇﺮﺍً ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻟﻤﺪﻟﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ، ﻓﺠﺮﻯ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺳﻮﺍﺀ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﻟﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻭﺗﻜﺎﻣﻠﺖ ﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﺟﺐ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﻟﺪﺍً ﻟﻪ ﻟﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﺫﻟﻚ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺐ، ﻷﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺯﻳﺪ ﻭﺗﻌﺬﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻔﺎﺭﻕ ﻟﻪ، ﻭﻓﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺣﺼﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻮﻟﺪ.
ﻭﻳﺪﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻮﻟﺪ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﺴﻨﻪ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻋﻠﻢ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺯﻳﺪ ﻋﻠﻤﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍً ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﻤﺮﺍً ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺔ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍلإﺩﺭﺍﻙ ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﺴﻨﻪ، ﻷﻥ ﺍلإﺩﺭﺍﻙ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ. ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺮﺗﻔﻊ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻟﺪﺍً ﻟﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﻜﺜﺮ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﻳﻘﻞ ﺑﻘﻠﺘﻪ، ﻓﺠﺮﻯ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻭﺍﻷﻟﻢ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻮﻟﺪ ﻟﻸﻟﻢ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻮﻟﺪﻩ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻜﻢ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﻛﻨﻈﺮﻛﻢ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻭﺍ ﻛﻨﻈﺮﻧﺎ ﻟﻮﻟﺪ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻭﻟﺪﻧﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺧﻠﻮا ﺑﺸﺮﻁ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺋﻄﻪ، ﻭﻣﺘﻰ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻮﺍ بشيء ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻋﺎﻟﻤﻮﻥ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻜﺎﺑﺮﻭﻥ. ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﻟﺪﻩ ﻟﻘﺒﺢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻛﻠﻪ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻗﺒﻴﺢ، ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺣﺴﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﺢ ﻛﻠﻪ. ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﻣﻊ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻨﻈﺮ. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﺢ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺃﻭ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ، ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻔﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻖ ﻭﺍﻟﻤﺒﻄﻞ..
ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻠﻮ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﻘﺒﺢ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺒﺜﺎً، ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺟﺎﺋﺰ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻬﺎ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻠﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺤﺪﺱ ﻭﺍﻟﺘﺨﻤﻴﻦ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻩ ﻳﻮﻟﺪ ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻞ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺜﻤﺮ ﺟﻬﻼً ﻭﻻ ﻗﺒﻴﺤﺎً ﻓﻴﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﻋﺎﻗﺒﺘﻪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﻤﻮﺩﺓ، ﻭﻟﻮ ﻗﺪﺡ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﻈﺮ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻓﻪ. ﻭﺑﻤﺜﻠﻪ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻭﻻ ﻧﻤﻴﺰﻩ. ﺑﺄﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﺗﻤﻴﺰ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺗﻤﻴﺰ ﺍﻟﻤﺴﺒﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ، ﻭﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻣﻴﺰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻭﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺧﻮﻑ ﺍﻟﻤﻀﺮﺓ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻪ ﻭﺗﺄﻣﻴﻞ ﺯﻭﺍﻟﻬﺎ ﺑﻔﻌﻠﻪ، ﻓﻴﺠﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺗﺤﺮﺯﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺮﻯ. ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻀﺮﺓ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﻣﻈﻨﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺮﺯ ﻣﻨﻬﺎ، ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻣﻈﻨﻮﻧﺔ ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺤﺮﺯ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﻻ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻘﻂ ﻟﻠﻮﺟﻮﺏ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻀﺮﺓ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻠﺠﺊ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺨﻮﻓﺔ ﺑﺘﺮﻙ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺁﺟﻠﺔ ﻓﻼ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻠﺠﺌﺔ، ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺤﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﻤﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻪ ﺑﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺃﻣﺎﺭﺗﻪ ... ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺎﻑ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺘﺮﻛﻪ ﻭﺃﻣﻞ ﺯﻭﺍﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮ ﻭﺷﻖ، ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﻣﻞ ﺯﻭﺍﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﻏﻠﻆ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺑﺎﻟﺨﺎﻃﺮ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻌﻘﻼء، ﻭﻛﻞ ﻋﺎﻗﻞ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪﺓ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ ﻻ ﻧﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺇﻧﺎ ﻻ ﻧﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻼﻓﻪ.
ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﺘﺠﺆوﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻓﻲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻳﺤﺼﻞ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﻢ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻓﻼ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻴﺰﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻮﻑ. ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﺷﺒﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ ﻣﺨﺎﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻇﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺣﺴﻨﻪ ﻟﻤﺎ ﺟﻬﻠﻮﺍ ﺻﻔﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ.
ﻭﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎ: ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻐﻤﻮﺭﺍً ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﻼ ﻳﺠﺪﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ، ﻛﻤﺎ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺣﻘﻮﻕ ﻭﻣﻈﺎﻟﻢ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻭﺇﻫﻤﺎﻟﻬﺎ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺭﺑﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﻐﻤﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻭﻝ ﻓﻌﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻊ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻘﻠﻨﺎ " ﺃﻭﻝ " ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﺪﻣﻪ ﺃﻭ ﻳﻘﺎﺭﻧﻪ: ﻭﻗﻠﻨﺎ " ﻓﻌﻞ " ﺗﺤﺮﺯﺍً ﻣﻦ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑﻔﻌﻞ. ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ " ﻣﻘﺼﻮﺩﺍً " ﺗﺤﺮﺯﺍً ﻣﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ. ﻭﻗﻠﻨﺎ " ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻊ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﻘﻠﻪ " ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ ﻭﺍلإﻧﺼﺎﻑ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺷﻜﺮ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻗﺪ ﻳﺨﻠﻮ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺨﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ.
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)