أكبر أسد علي زاده ..
* معنى العلمانية اللغوي:
العلمانية أو (secularism) تعود إلى الأصل اللاتيني "سيكيولاريس" وقد استعملت في الثقافة الغربية بمعانٍ متعددة من جملة معانيها:
ـ سيكيولاريسم (secularism): تعنى مخالفة الشرعيات والمسائل الدينية، امتلاك روحية طلب الدنيا، الدفاع عن الأصول الدنيوية والعرفية، فصل الدين عن السياسة، إبعاد الدين عن الدنيا، الاهتمام بالجانب العلمي، التجديد، الاعتقاد بأصالة الأمور الدنيوية، الميل نحو غير الدين، الميل نحو اللادين، الدنيوية...
- سيكيولار (secular): أي المتعلق بالدنيا، غير روحاني، غير ديني، عامي، عرفي، أمي، الشخص غير المتعلق بالدين والأمور المعنوية .
- سيكيولارايز (secularize): أي جعل الشيء دنيوياً وغير معنوي، التخلص من قيود الرهبنة والقسوسة، الاختصاص بالأمور غير الروحانية، الخروج من عالم الروحانيات، عبادة الدنيا، إعطاء بعد دنيوي للعقائد .
- Atheism، الالحاد: إنكار وجود الله تعالى، عدم الاعتقاد بالخالق.
والعلمانية اسم وإشارة لفظية لتسمية العديد من الحوادث والآليات والسنن والمنظمات والنظريات والأيديولوجيات المتنوعة التي وجدت في أنحاء مختلفة من أوروبا وقد بدأت طلائعها مع نهضة الإصلاح الديني .
* معنى العلمانية الاصطلاحي:
بما أن العلمانية تتشكل من أبعاد متنوعة ومختلفة في المجالات السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الدينية و... لذلك من الصعب تقديم تعريف جامع ومانع للعلمانية كما هو الحال في المعنى اللغوي.
يتحدث "براين رويلسون" حول صعوبة تقديم تعريف للعلمانية ويقول: "إن مفهوم الفصل بين الدين والدنيا يفتقد التعريف القطعي المتفق عليه، على أساس الظواهر المتعلقة بهذا المفهوم تشكل طيفاً اجتماعياً واسعاً".
ويضيف: "إذا أردنا تقديم تعريف إجمالي لفصل الدين عن الدنيا أمكننا القول: إنها عبارة عن عملية يفتقد فيها الوجدان الديني، والنشاطات الدينية، والمؤسسات الدينية اعتبارها وأهميتها من الناحية الاجتماعية. وهذا يعني صيرورة الدين في الحاشية على مستوى عمل النظام الاجتماعي، وصيرورة عمل المجتمع خارج من إطارات العوامل التي تؤثر فيها ما وراء الطبيعة" .
وجاء تعريف العلمانية في قاموس اكسفورد على النحو التالي: "هي الاعتقاد بابتناء الأمور التعليمية ومختلف القضايا الاجتماعية على المعطيات العلمية بدل ابتنائها على الدين" .
بناءً على ما تقدم يمكن تقديم تعريف جامع للعلمانية: "العلمانية عبارة عن عدم الاعتقاد أو عدم الاعتناء بالدين أو إخراج الدين والأمور المتبنية على الدين من ساحة النشاطات البشرية من قبيل الحكومة، السياسة، الأخلاق والثقافة وغيرها".
* الأصول الأساسية للفكر العلماني:
تقوم العلمانية على مجموعة من الأصول باعتبارها نظاماً فكرياً جديداً في المجتمع الغربي، وهذه الأصول عبارة عن:
1- العقلانية (Rationalism):
العقلانية أو محورية العقل من جملة الأصول الأساسية للعلمانية. والمقصود من ذلك إعطاء الأصالة للعقل والميل نحوه. وهذا يعني أن العقل قادر بمفرده على التقنين بمعزل عن الوحي.
وبالتالي لا يبقى أي حاجة للأديان والأنبياء والكتب السماوية والتعاليم الإلهية إذ يمكن رفع الاحتياجات البشرية من خلال العقل فقط. ويعتبر رينه دكارت (1596- 1650) من المؤسسين لهذا التيار. يعتبر العقل في الفكر الإسلامي من جملة مصادر استنباط الأحكام الشرعية وهذا يعني أن العقل لا يتمكن بمفرده وبشكل مستقل عن الوحي من وضع قوانين صالحة للحياة البشرية.
وعندما نلاحظ الآيات القرآنية والروايات الشريفة تدعوا إلى التعقل والتفكر فالمقصود التعقل والتفكر في أجواء أصل إثبات الدين والاعتقادات فهو أداة لفهم التعاليم الدينية.
2- العلمية (Scintism):
العلمية، أو الأصالة العلمية والميل نحو العلم واحد آخر من الأصول الأساسية للعلمانية. والمقصود الدقيق من التوجه العلمي لدى العلمانية هو الاعتماد الافراطي على العلوم التجريبية والعلوم الاجتماعية والمعارف البشرية .
ظهرت مسألة التعارض بين العلم والدين بعد عصر النهضة واتساع دائرة البحث التجريبي، فعمل التجريبيون على تقديم العلم على الدين، فكانوا يرفضون ويطردون كل ما لا يحصل بالتجربة فأدى الأمر إلى شعور الإنسان بضعف ارتباطه بالدين.
بدأ التعارض بين العلم والدين بالظهور منذ النظريات الأولى في علم الفضاء والهيئة والتي لعب فيها كوبرنيكوس، وكبلر وغاليليو غاليلي الدور الأول والأساس حيث اعتبرت الكنيسة أن هذه الأفكار تعارض ظواهر الكتاب المقدس.
حاولت الكنيسة بداية مقاومة هذه الظاهرة إلا أنها أجبرت أخيراً على التراجع فكانت النتيجة الفصل بين الدين والعلم. وبدأت بوادر الحديث عن أن للدين لغة خاصة به وللعلم لغة خاصة أيضاً وروح الدين عبارة عن مسألة تتعلق بالتضرع والتوجه نحو الله .
ومن المناسب هنا الالتفات إلى قضية هامة وهي أن الدين الحقيقي (الإسلام) لا يتعارض مع نتائج العلم القطعية. فماهية العلم اكتشاف المجهولات والوصول إلى الواقع وإلا لم يكن علماً، وأما الفرضيات العلمية فهي أمور ظنية. فنظرية تكامل الأنواع التي عرضها دارون ما هي إلا فرضية، لم ترتق بعد إلى مرحلة اليقين والقطع بها. وهناك العديد من نتائج العلم يقينية وقطعية ولا تتعارض مع الاعتقادات الدينية للمسلم.
3- النسبية (Relativism):
النسبية من جملة الأصول الأساسية والنظرية للعلمانية. وتطرح النسبية في مجال القيم الأخلاقية والمعرفية. ويعتمد العلمانيون على النسبية للقول بإمكانية الخطأ عند البشر ومحدودية فهم وإدراك الإنسان.
ويتحدث العلمانيون عن فرض أساسي وهي أن الإنسان موجود يخطئ لامتلاكه إدراكاً غير ناضج، لذلك لا يجب أن نتوقع منه الألوهية. وإذا كان الخطأ يطال المعرفة الإنسانية فإن هذا الخطأ أمر نسبي ومحدود وغير ناضج وغير مقدس.
يعتقد العلمانيون أن لا وجود للقيم المطلقة والثابتة والكلية والدائمة، وأما الأمور الأخلاقية والادراكات البشرية فهي محدودة ومؤقتة ونسبية ولا يوجد حسن وقبيح مطلق، وكل ما هو موجود عبارة عن إنتاج عقل وإدراك الإنسان المحدودين، وهو تابع للظروف الاجتماعية والبيئية. مثال ذلك: لا يمكن الحكم حول حسن أو قبح اسقاط الجنين أو منع ذلك. ولا وجود لأي قيمة مطلقة أو أمور مقدسة. فالإنسان هو الذي يخلق القيم. والقيمة وضدها عبارة عن مفاهيم نسبية ووضعية لا تقبل التصديق أو التكذيب المنطقي.
4- الإلحاد:
الالحاد أحد أهم الأصول التي تقوم عليها العلمائية. والمقصود الإعراض عن الله والاستغناء عن الحق والابتعاد عن كل ما هو قدسي ومعنوي. ويطلب العلمانيون من اتباعهم الحياة من دون الله وتنظيم الأمور من دون لحاظ وجوده. لا بل يجب جعل الله مسكوتاً ومغفولاً عنه.
5- الإباحية:
المقصود من الإباحية الاعتقاد بالحرية المطلقة التي لا حَدّ لها وتجويز عدم القيود في الحياة البشرية. بناءً على هذه الرواية لا يبقى أي مجال للقول بنظارة ورقابة الله تعالى ولا للقول بالثواب والعقاب الأخرويين، ولا للقول بوجود قيم أخلاقية ثابتة. فالإنسان موجود حُرُّ يعمل ما يريد.
والحرية في الإسلام عبارة عن موهبة إلهية وهي قيمة عالية. وبما أن هدف الله تعالى من الخلق إيصال البشر إلى الكمال والسعادة، فإن الربوبية الإلهية تقتضي وجود قوانين جامعة ومرنة ودقيقة تساهم في هداية الإنسان نحو الكمال، وبذلك يتمكن الإنسان من الحركة والسير في إطار هذه القوانين بحياته المادية والمعنوية. لذلك فالحرية من وجهة نظر الإسلام هي التي توصل إلى السعادة في ظل القوانين .
6- أصالة الإنسان (humanism):
يعتبر هذا الأصل واحداً من أهم المفاهيم التي تشكل الهوية الثقافية للغرب الجديد. بناءً على هذا الأصل يصبح الإنسان هو المحور والمدار لجميع الأشياء، وهو خالق القيم ومعيار تشخيص الخير والشر. وبعبارة أخرى يصبح الإنسان هو الموجود الذي يلعب دور الله، يتمكن من حل مشاكل الحياة من دون الرجوع إلى الله.
وبما أن الإنسان يمتلك العقل والعلم فلا حاجة لديه للدين. وهذا يعني محورية الإنسان وجعل الدين أرضياً وغير معتبر، وصيرورة الإنسان ذي بعد مادي لا وجود للبعد المعنوي فيه.
بناءً على هذه الرؤية تعطى الاصالة للإنسان وتنحصر الحاجة لله في بعض المسائل المتعلقة برفع الآلام الروحية وإلا فالله لا أصالة له على الإطلاق. يحصل النظام السياسي القائم على هذا الأصل على مشروعيته من خلال الناس أي من خلال ما اصطلح على تسميته "العقد الاجتماعي" الذي يتجلى في العصر الحاضر في ما يعرف بالانتخابات وآراء الناس.
7- أفكار الدين:
تقوم الثقافة الغربية اليوم على مبدأ التحول والتطور ومواجهة السنن، ويتابع العلمانيون مسألة إنكار ورفض الدين من خلال الأصول المتقدمة. ويشكل هذا الأصل المحور الذي دار عليه أغلب المفكرين والكتاب في مرحلة ما بعد النهضة الغربية. ويعتبر ميكيافيلي (1469- 1527) من أبرز المنظرين له، وقد اعتبر أن الدولة عبارة عن ظاهرة طبيعية لا علاقة لها بما وراء الطبيعة على الإطلاق، وأما الدين فما هو إلا آلة بيد الحاكم.
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
ضرورة الإمامة
دلالة آية «وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ»
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)