قرآنيات

الحروف المقطّعة في القرآن الكريم


تسع وعشرون سورة قرآنية بدأت بأسلوب مغاير للمألوف؛ استهِلّت بحروف هجاء مقطّعة. مع تكرار الحروف التي تقع في تراكيب الكلم.
لقد اختلف المفسرون حول المراد من الحروف المقطّعة في فواتح السور، وكانت الأبحاث شيقة، تشد المفسرين والقراء لمعرفة السر الذي تحنو عليه هذه الحروف.
لقد غزرت الآراء إلى عشرات تتعاند في ما بينها، وترسم صوراً تقوى فيها الظلال على الألوان: إنه الإعجاز القرآني الذي يراه الله قريباً ويراه الناس بعيداً.
هنا تبرز إشكالية، لماذا اختلاف الآراء؟ أما سأل صحابي واحد النبي صلى الله عليه وآله عن خاصيّة الحروف المقطّعة فيعطيهم الجواب نقلاً عن جبرائيل، عن مُنزِل الوحي!!
أم أنهم سألوه وأضاعوا الجواب، فصار لدى المتأولين عشرون جواباً؟!
توزّع الناس بين الآراء تبنياً وتأييداً وإسقاطاً، ثم أنهى معظمهم بعبارة " الله العالم بمراده بهذه الحروف".


١- الإعجاز والتحدي:
هي حروف هجاء مطروحة بين أيدي الناس يستعملونها في كلامهم اليومي، ونظموا فيها أشعارهم ومعلقاتهم. وهذا القرآن الكريم مصوغ من هذه الحروف الهجائية عينها، لكنه أتى معجزاً في مفرداته وتراكيبه ومعانيه ونظمه وموسيقاه. هذه الأحرف في نظم القرآن الكريم تصير إعجازاً، بينما هي عادية في كلام الناس. وبرز التحدي الإعجازي في أكثر من مرة، فكأن الله يقول: إن هذا القرآن الذي عجزتم عن معارضته، من جنس هذه الحروف التي تتحاورون بها في كلامكم وأشعاركم، فإن لم تقدروا على معارضته فاعلموا أنه من عند الله.
لذلك اقترنت الحروف في معظم السور بذكر الكتاب.


٢-القَسَم:
أقسم الخالق بهذه الحروف التي منها تألف الكتاب، مثل ما أقسم بسائر المخلوقات، فقد افتتح أكثر من عشرين سورة بالقسم.
وعن الأخفش: أقسم الله تعالى بالحروف لشرفها وفضلها، ولأنها مباني كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة، وهي أصل كلام الأمم.


٣- مفاتيح أسماء وصفات الله:
فالحروف دلالات على مختصرات لكلمات هي أسماء الله الحسنى.
كهيعص: كافي، هادي، حكيم، عليم، صادق.
عن ابن عباس قال: الم: ا: أنا، ل: الله، م: أعلم.
وفي رأي آخر: أ: الله، ل: جبرئيل، م: محمد.
وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: الم: في الألف ست صفات من صفات الله تعالى:
الابتداء: الألف ابتداء الحروف.
الاستواء: رسم الألف مستوٍ.
الانفراد: الألف فرد وقيمتها واحد في حساب الجمل.
اتصال الخلق بالله وهو غني عنهم، اتصال الحروف بالألف وهي غنية عن سائر الحروف.
الانقطاع عن الغير.
الإلفة.


٤- المتشابه:
فهي من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله، يكثر التأويل فيه، فاقتصر أصحاب هذا الرأي في تفاسيرهم في مطالع السور ذات الحروف المقطّعة على قول: أحد أحرف الهجاء، الله أعلم بمراده به.
وأضافوا: نفوض في المتشابهات إلى الله، ويسعنا في ذلك ما وسع صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وتابعيهم.
وقالوا: ليس من الدين شيء أن يتنطح متنطح؛ فيخترع ما يشاء من العلل التي قلما يسلم مخترعها من الزلل.


٥-صفوة القرآن:
عن الإمام علي عليه السلام: لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي، ولله في كل كتاب سر، وسره في القرآن حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور.


٦- أسماء للسور المبتدئة بها:
مثل سورة ص، ق، طه، و يس.
لكنه لا يشمل باقي السور المبدوءة بالم والر.
بل نجد بعض الفواتح تكررت مرات، حتى نالت سبع سور من الكتاب اسم الحواميم.
وأضاف بعضهم أنها أسماء للقرآن.


٧- أسلوب التنبه والالتفات:
على غرار النداء فقد أريد بهذه الأحرف مفاجأة العرب، وهم أهل الفصاحة والبلاغة برموز وإشارات لا عهد لهم بها، ليزداد التفاتهم وتتحضر نفوسهم. فقد كانوا يشوشون عند تلاوة النبي صلى الله عليه وآله للقرآن، فلما سمعوا مطالع غريبة أنصتوا إليه، ووقع في مسامعهم.


٨-الانطواء على الاسم الأعظم:
لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم.
مثال الر+حم+ن=الرحمن.


٩-اختصار أسماء:
عن ابن عباس: هذه الحروف اختصار من أسماء يعلم النبي صلى الله عليه وآله تمامها.


١٠- تأريخ الكون:
في حساب الجمل إشارة إلى مدة بقاء الحياة وقيام الساعة.
أ- بإسقاط المكررات٧٧٤سنة، وسقط هذا الرقم اليوم، إذ تجاوزنا ١٤٠٠ سنة هجرية.
ب- مع المكررات: ٣٠٦٥سنة.
في الروايات: لما سمع اليهود الم قالوا: مدة حكم محمد وقومه قصيرة تبلغ ٧١ سنة، فلما نزلت سائر السور المبتدأة بالحروف المقطّعة أشكل عليهم الأمر واغتمّوا.


١١-رموز صوتية أو إشارات موسيقية لتوجيه الترتيل:
قال المستشرق بلانشو: إن الحروف: الم ، الر، حم، طسم...
هي الحروف: I,q,a التي توجد في بعض المواطن من chamson dageste فهي إشارات وبيانات موسيقية، يشار إلى ألحانها بحرف أو حرفين أو ثلاثة، فهي رموز صوتية، فليس من المستبعد أن تكون فواتح السور إشارات صوتية لتوجيه الترتيل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد