قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد ابو القاسم الخوئي
عن الكاتب :
مرجع شيعي كبير، ورئيس الحوزة العلمية في النجف

مطابقة البلاغة القرانية لمقتضي الحال

 

السيد ابو القاسم الخوئي .. 
قال صاحب "حسن الإيجاز" : "إنّه يمكن عقلاً أن يأتي إنسان بأفصح العبارات وأبلغها وأحسنها نظماً وهي تحكم بأنّ الله شرّير ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، فهل يُصدِّق قائلها إذا اتّخذ ذلك دليلاً على أنّ عباراته من وحي الله؟! وإلاّ فما الدليل على أنّ ذلك محال؟!
فإن قيل : إنّ نسـبة الشرّ إليه تعالى دليل على بطلان أنّها وحي الله.
قلنا : "إنّ كثيرين من أهل الأديان نسبوا أمثال ذلك إليه تعالى" انتهى محل الحاجة.
أقول : لا لوم على هذا الرجل إذا لم يعرف معنى البلاغة فتوهّم لنفسه أنّها عبارة عن تزويق الألفاظ وإن كان معناها فاسداً قبيحاً في مورده ، ومن تقحّم مثل تقحّمه جدير بأن لا يعرف أنّ البلاغة التي بها يعلو قدر الكلام ويتفاخر إنّما هي مطابقته لمقتضى الحال كما ذكرناه في التمهيد. ألا وإنّ العبارات التي تحكم بأنّ الله شرّير لتخسأ وتذلّ عن أن يدنّس بها اسم البلاغة ومعناها.
ألا ترى أنّ كاتب التوراة الرائجة لـمّا لم تكن عنده حقيقة القصّة في أكل آدم وحوّاء من الشجرة التي نهاهما الله عنها، وأراد أن يصوّرها كشاعر خيالي ، فإنّه مهما تأنّق في تزويق عباراتها وتنميق (1) محاوراتها جاء بها شنعاء شوهاء ، تشوّهت ألفاظها بتشويه معانيها ، فكانت من الكلام الساقط الذي تشمئزّ منه النفوس ، اُنظر في الفصل الثالث من التكوين.
نعم ، لو ذكرت (2) في مثل كليلة ودمنة مثالاً خيالياً لملك خدوع جائر ورعيّة مغفّلين وناصح فاهم غيور لكان لها مقام في الخياليات.
____________________________
(1) التنميق : التزيين.
(2) وذلك لأنّه نسب الكذب إلى الله تعالى والصدق والنصيحة للحيّة في أكل آدم وحوّاء من شجرة معرفة الخير والشر ، فالله تبارك وتعالى ـ بزعم كاتب التوراة الرائجة ـ ملك خدوع جائر ، والحية وطني فاهم غيور ، والرعية المغفّلين كناية عن آدم وحوّاء.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد