
الشهيد مرتضى مطهري ..
في قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾[1] دعوة لسرد القصّة كما هي بلا تحريف ولا زيادة ولا نقصان، أي الطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتحدّث عن الحدث كما حدث، وهذه لفتة قرآنية في ضرورة تحرّي الدقّة في النقل لأيّة واقعة أو حدث أو قصة أو خبر، لأنّك لا تستطيع أن تعطي حكماً دقيقاً على ما تسمع إلاّ بعد أن تكون الوقائع بالنسبة إليك دقيقة.
2- القصّة ذات مشهدين: مشهد عبادي يتحدّث عن تقريب القربان[2] ومشهد حواري يتصاعد فيه الحدث إلى نقطة الذروة ووصول الصراع إلى نقطة القتل.
المشهد الأوّل: ويلخّصه لنا قوله تعالى: ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[3] وكما تذكر بعض التفاسير، فإنّ (هابيل) كان قد تقرّب بكبش سمين، فيما تقرّب (قابيل) بحزمة من سنابل القمح، أي أنّ (هابيل) قدّم أفضل ما عنده، وقدّم أخوه أدنى ما عنده، ويبدو أنّ قربان كلّ منهما يدلّ على نفسيّة وشخصيّة كل منهما، وربّما كان بإمكان (قابيل) تقديم كبش سمين كما فعل أخوه، لكنّه بخل وقبض يده ناسياً أنّه يتعامل مع الله الذي يجب أن لا يبخل معه بشيء، لأنّه واهب ورازق كلّ شيء، وهو- أي الله تعالى- لا يناله لا من الكبش ولا من القمح شيء. ففي أضحيات الحج يريد الله للحاج أن يصل قربانه إلى الجياع والفقراء: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾[4] وهذا هو الشرط الأوّل في القربان ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[5].
ولا يخفى عليك، أن علاقة التقوى- وهي طلب رضا الله- بالقربان، علاقة تقدير لمقام الله تعالى من جهة العبد نفسه، وأنت تعرف من خلال تجاربك، أنّ مَنْ يحبّ أكثر يقدّم أكثر، إن كان بإمكانه ذلك، ولذا فالبخل مع الله هو بخلٌ في عطاء الله ﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾[6] وهو علامةُ الاستهانة بمقام الله عزّ وجلّ.
المشهد الثاني: ويلخّصه قوله تعالى: ﴿لَأَقْتُلَنَّكَ﴾ (أي قول قابيل)، ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[7]، (وهو قول هابيل) الذي أضاف: ﴿لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾[8] هذا المشهد الحواري المقتضب يلخّص لنا هويّة الأخوين وطبيعة كلّ منهما الفكرية والنفسية.
(قابيل): حسود، حقود، انفعالي، يحكّم غريزته، ويحاول أن ينفّس عن حسده وحقده بقتل أخيه، وهو إلى ذلك جاهلٌ لا يعرف أنّ القبول وعدم القبول بيد الله لا بيد أخيه، فلا ذنب ل- (هابيل) بقبول الله لقربانه وعدم قبوله لقربان أخيه. وقد يكون عالماً بذلك لكنّ حسده أعماه فلم يعد يبصر نور الحقيقة وهو ساطع.
أمّا (هابيل) فيظهر لنا: عارفاً بالله، ومتيقناً أنّ القبول مشروط بالتقوى، أي أن يكون العمل خالصاً لله وابتغاء مرضاته، وهو لا يتعامل بطريقة ردّ الفعل الاستفزازية، وإنّما يحكّم عقله ودينه في النظر إلى الأمور. فهو لمعرفته أنّ القتل عند الله شنيع لم ينسق إلى مقاتلة أخيه.
ــــــــــ
[1] المائدة/27
[2] يبدو - كما في بعض التفاسير - أنّ آدم (عليه السلام) قد علّم ولديه أن يتقرّبا في أعمالها أو نذورهما إلى الله تعالى بتقديم صدقة معيّنة تسمّى (القربان) وهي مأخوذة من القربة إلى الله، ويراد بها قبول الله لعمل معين.
[3] المائدة/27
[4] الحج/37
[5] المائدة/27
[6] الحديد/7
[7] المائدة/27
[8] المائدة/28
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
محمود حيدر
معنى (عيش) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
الشيخ محمد مصباح يزدي
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
في رحاب بقية الله: ليمكّننّ له الدين
الشيخ معين دقيق العاملي
النّفاق والتّظاهر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حياتنا بين البخل والترف
الشيخ حسين مظاهري
أم البنين .. رواية من وجع الطف
حسين حسن آل جامع
واشٍ في صورة حفيد
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (1)
معنى (عيش) في القرآن الكريم
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
زكي السّالم: (ديوانك الشّعريّ بين النّطورة والدّندرة والطّنقرة)
أم البنين .. رواية من وجع الطف
مناجاة الزاهدين: زهد أحباب الله (1)
في رحاب بقية الله: العدالة المهدويّة ترسم المستقبل
ستّ طرق لاستخدام القلق كمصدر للنّمو
سبيل غلبة العقل على النفس