قرآنيات

وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا


الشيخ محسن قراءتي

يقول تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾[1].
في هاتين الآيتين إشارات لطيفة وتعاليم رائعة، ومن يمعن التدبر أكثر قد يخرج بغير ما سنذكره لكم، لأن القرآن نبع لا ينضب من المعارف الإلهية.
إشارات:
- فيما يتعلق بمعاني بعض الكلمات: "غدق" بمعنى الكثرة و"صعد" بمعنى الصعب والمشكل.
- في مسألة الاستقامة ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه فسّر الاستقامة على الطريقة بالثبات على ولاية أهل البيت عليهم السلام. ونقل عن الإمام الصادق قوله في تفسير الآية: "معناه لأفدناهم علماً كثيراً يتعلمونه من الأئمة"([2]).
- تتضمن الآيتان أسلوب المقارنة الذي هو من أفضل الأساليب التربوية. فقد ورد في آيةٍ: الاستقامة والمطر، وفي الآية التالية: الإعراض والعذاب، وبمقارنة هاتين الحالتين تصبح مسألة الحق والباطل واضحة وشفافة أكثر.
- توجد إشارة أخلاقية مسلكية وهي أن الإعراض عن ذكر الله يجعل الحياة الدنيا قاسية: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدً﴾([3])  ويكون جزاء الإنسان في الآخرة عذاباً عظيماً وصعباً: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾.
التعاليم:
1-  الأهم من الإيمان هو البقاء والثبات عليه : ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾.
2-  من بين كل الطرق، ثمة طريق واحد فقط مقبول للحق: ﴿طرَائِقَ قِدَدًا... عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾.
3-  أفضل طريقة للدعوة هي توضيح آثار الإيمان وبركاته: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا... لَأَسْقَيْنَاهُم﴾.
4-  لا تظهر آثار الإيمان في الآخرة فقط وإنما تظهر في الدنيا كذلك: ﴿لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقً﴾.
5-  الاستقامة على طريق الحق هي ميزة، وليس لكل استقامة قيمة، فأحياناً يكون الثبات ناشئاً عن العناد: ﴿اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾.
6-  توسيع الرزق هو أحد وسائل الامتحان: ﴿لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا *  لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ (مثلما اعتبر النبي سليمان توسيع الرزق عليه وسيلة للامتحان: ﴿هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي﴾([4])).
7-   الثبات على طريق الحق له آثار على الطبيعة: ﴿مَّاء غَدَقًا﴾.
8-  الرفاه سبب الغفلة: ﴿مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾.
9-  لا تغترّوا بسعة رزقكم: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾.
10- إذا ما استقمتم على طريق الحق ونلتم ثوابكم فلا تظنّوا أنّ عملكم قد انتهى، فالآن يجب أن تواجهوا امتحاناً جديداً: ﴿مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾.
11- الله عنده الرحمة وعنده العذاب: ﴿مَّاء غَدَقًا... عَذَابًا صَعَدًا﴾.
12- الإعراض عن ذكر الله هو أحد عوامل الانقياد إلى جهنم: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾.
13- قد يكون سبب نزول المطر أحياناً وسيلة للامتحان، فإذا ما قوبل بالجحود، فسيصبح سبباً للعذاب: ﴿عَذَابًا صَعَدًا﴾.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد