السيّد محمّد حسين الطباطبائي
- لفظُ النّفس -على ما يعطيه التأمّل في موارد استعماله- أصلُ معناه، هو معنى ما أُضيف إليه، فَنفسُ الشّيء معناه الشّيء، ونفسُ الإنسان معناه هو الإنسان، ونفسُ الحجر معناه هو الحجر، فلو قُطع عن الإضافة لم يكن له معنى محصَّل، وعلى هذا المعنى يُستعمل للتّأكيد اللّفظي، كقولنا: جاءني زيدٌ نفسُه. أو لإفادة معناه، كقولنا: جاءني نفسُ زيد
وبهذا المعنى يُطلق على كلّ شيء حتّى عليه تعالى، كما قال: ﴿..كتب على نفسه الرّحمة..﴾ الأنعام:12، وقال: ﴿..ويحذّركم الله نفسه..﴾ آل عمران:28، وقال: ﴿..تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك..﴾ المائدة:116 .
- ثمّ شاع استعمالُ لفظها في شخص الإنسان خاصّة، وهو الموجود المركّب من روح وبدن، فصار ذا معنًى في نفسه وإن قُطع عن الإضافة. قال تعالى: ﴿هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها..﴾ الأعراف:189، أي من شخصٍ إنسانيٍّ واحد. وقال: ﴿..من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً﴾ المائدة :32، أي من قتل إنساناً ومن أحيا إنساناً، وقد اجتمع المَعنيان في قوله: ﴿..كلّ نفس تجادل عن نفسها..﴾ النحل:111، النّفس الأولى بالمعنى الثاني، والثانية بالمعنى الأوّل .
- ثمّ استعملوه في الرّوح الإنساني، لما أنّ الحياة والعلم والقدرة التي بها قوام الانسان قائمة بها، ومنه قوله تعالى: ﴿..أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون..﴾ الأنعام:93 .
ولم يطّرد هذان الإطلاقان -أعني الثاني والثالث- في غير الإنسان -كالنّبات، وسائر الحيوان- إلّا بحسب الاصطلاح العلمي، فلا يقال للواحد من النبات والحيوان عُرفاً: «نفس». نعم، ربّما سُمِّي الدّمُ نفساً، لأنّ للحياة توقّفاً عليه، ومنه النّفس السائلة .
وكذا لا يُطلق «النّفس» في اللّغة بأحد الإطلاقين الثاني والثالث على الملَك والجنّ، وإن كان معتقدهم أنّ لهما حياة، ولم يرِد استعمال «النّفس» فيهما في القرآن أيضاً، وإنْ نطقت الآيات بأنّ للجنّ تكليفاً كالإنسان، وموتاً وحشراً، قال تعالى: ﴿وما خلقتُ الجنّ والإنس إلّا ليعبدون﴾ الذاريات:56، وقال: ﴿..في أمم قد خلت من قبلهم من الجنّ والانس..﴾ الأحقاف:18، وقال: ﴿ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجنّ قد استكثرتم من الإنس..﴾ الأنعام:128، هذا ما يتحصّل من معنى «النّفْس» بحسب عُرف اللّغة "..".
فقد تبيّن ممّا قدّمناه:
أوّلاً: أنّ المراد بالنّفس في قوله: ﴿كلّ نفس ذائقه الموت..﴾ الأنبياء:35، هو الإنسان -وهو الاستعمال الثّاني من استعمالاتها الثّلاث- دون الرّوح الإنساني، إذ لم يُعهَد نسبةُ الموت إلى الرّوح في كلامه تعالى حتى تُحمل عليه .
وثانيا:ً أنّ الآية إنّما تعمّ الإنسان لا غير، كالملَك، والجنّ، وسائر الحيوان، وإن كان بعضها ممّا يتّصف بالموت، كالجنّ والحيوان. ومن القرينة على اختصاص الآية بالإنسان قوله قبله: ﴿وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد..﴾ الأنبياء:34، وقوله بعده: ﴿..ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة..﴾ الأنبياء:35. وقد ذكر جمعٌ من المفسّرين أنّ المراد بالنّفس في الآية الرّوح، وقد عرفتَ خلافه، وأصرّ كثيرٌ منهم على عموم الآية لكلّ ذي حياة من الإنسان، والملَك، والجنّ، وسائر الحيوانات حتّى النّبات إنْ كان لها حياةٌ حقيقةً، وقد عرفتَ ما فيه .
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان