
الشيخ حسن المصطفوي
سَرَفَ: «أصل واحد يدلّ على تعدّي الحدّ والإغفال أيضاً للشيء. تقول: في الأمرسرَفٌ، أي مجاوزة القدر، وأمّا الإغفال: فقول القائل: مررت بكم فسرفتُكم، أي غفلتُكم. ويقولون: إنّ السَّرفّ الجهل، والسّرِف الجاهل». هكذا في (مقاييس اللغة) لابن فارس.
وفي (مصباح اللغة) للفيومي: «أسرف إسرافاً: جاز القصد. والسَّرَف: اسمٌ منه. وسرِف سرفاً من باب تعب: جهل أو غفل، فهو سرِف.»
أما الراغب الأصفهاني في (المفردات في غريب القرآن) فيقول: «السَرَف: تجاوز الحدّ في كلّ فعلٍ يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر، ويقال تارةً اعتباراً بالقدْر، وتارةً بالكيفيّة، وقوله تعالى: ﴿.. يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ..﴾ الزمر:53، فتناول الإسراف في المال وفي غيره. وقوله: ﴿.. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ..﴾ الإسراء:33، فسَرَفُه أن يقتل غير قاتله، إمّا بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه، أوبتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلة تفعله..».
تحقيقُ اللّفظ
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة هو عملٌ يتجاوز عن الحدّ الملحوظ فيه عقلاً أوعُرفاً، كما في الأكل الزائد عن الحدّ، والإنفاق الخارج عن المعروف، والبناء زائداً عنشؤونه ومقامه، وجمع أثاث البيت تجاوزاً عن الحدّ العرفيّ، والتوسعة في المعاش على خلاف العقل، وأعمال خارجة عن الحدّ والمعروف في المعيشة مطلقاً.
وأمّا مفاهيم «الجهل» و«الخطأ» و«الغفلة»: فهي من أسباب الإسراف وعِلَله الموجبة لظهوره، فكأنّ الإسراف تجلّيها وظهورها.
قال سبحانه وتعالى:
- ﴿.. وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ الأنعام:141 .
- ﴿.. وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ﴾ غافر:43.
- ﴿وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ﴾ الشعراء:151.
- ﴿.. وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ يونس:83.
- ﴿.. إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ غافر:28.
- ﴿.. كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ غافر:34.
- ﴿.. بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ الأعراف:81.
- ﴿.. كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يونس:12 .
قلنا إنّ الإسراف منشأه الجهل والغفلة، ومورده الحياة الدنيا والمعيشة الدنيويّة المادّيّة، فالمُسرف مَن توغَّل في حبّ الدنيا، واشتدّ تعلَّقه وتوجّهه إليها، وغفل عن الحقّ والآخرة، فهو محجوبٌ بالدنيا عن الآخرة، ومشغولٌ بالمادّة عن عالم النور، وقريبٌ من الطبيعة وبعيدٌ عن الله تعالى، فهو خارجٌ عن صراط الهداية إلى طريق الضلالة، وعن محيط المحبّة والرحمة إلى منزل البغض والغواية.
فالإسراف مرتبة نازلة ظلمانيّة، ومنزل مَن علا في الأرض وطغى في الحياة الدنيا.
وقال سبحانه:
- ﴿.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا..﴾ الأعراف:31.
- ﴿.. وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا..﴾ الأنعام:141 .
- ﴿.. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً﴾ الإسراء:33.
- ﴿وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ..﴾ الفرقان:67.
- ﴿.. وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً ..﴾ النساء:6 .
يُصرّح بالنهي عن الإسراف في موارد الأكل، والشرب، وإعطاء حقّ الصدقة من الثّمر والزرع، وفي القتل، وفي الإنفاق، وفي مال اليتامى.
شكل القرآن الكريم (3)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
محمود حيدر
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
الزهراء عليها السّلام إشراقات مباركة
(سنابل يوسف) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
واحد وثلاثون عملاً للحبارة في تحدّي (إنكتوبر 2025)
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)