قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد هادي معرفة
عن الكاتب :
ولد عام 1348هـ بمدينة كربلاء المقدّسة، بعد إتمامه دراسته للمرحلة الابتدائية دخل الحوزة العلمية بمدينة كربلاء، فدرس فيها المقدّمات والسطوح. وعلم الأدب والمنطق والعلوم الفلكية والرياضية على بعض أساتذة الحوزة العلمية، عام 1380هـ هاجر إلى مدينة النجف الأشرف لإتمام دراسته الحوزوية فحضر عند بعض كبار علمائها كالسيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي، ثم سافر إلى مدينة قم المقدسة والتحق بالحوزة العلمية هناك وحضر درس الميرزا هاشم الآملي. من مؤلفاته: التمهيد في علوم القرآن، التفسير والمفسِّرون، صيانة القرآن من التحريف، حقوق المرأة في الإسلام.. توفّي في اليوم التاسع والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام من عام 1427هـ بمدينة قم المقدّسة، ودفن بجوار مرقد السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام

فتنة السامري بين القرآن والتوراة

 

الشيخ محمد هادي معرفة
ذكرت التّوراة: أنّ الّذي صَنَع العجلَ هو هارون أخو موسى (عليها السلام).
أما في القرآن فقد جاء في سورة طه: أنّه السّامري، في ثلاثة مواضع، وأنَّ هارون أراد منعهم من ذلك فلم يستطع: ﴿قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: 150].
وذكرت التوراة: أنَّ موسى لمّا حَمَيَ غضبُه طرح اللّوحَينِ من يديه وكسرهما.
وفي القرآن: أنّه ألقى الألواح ـ لكنّها لم تتكسَّر ـ ومِن ثمّ ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: 154].
في التوراة: أنّ موسى أخذ العجل وأحرقه وطحنه وذرّاه في ماءٍ وسقاه بني إسرائيل.
وجاء في القرآن: أنّه حرّقه ونسفه في اليمّ نسفاً.
وجاء في القرآن: أنّهم اتّخذوا ﴿عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ﴾ [الأعراف: 148] و [طه: 88]، لكنّه لا يكلّمهم ولا يُرجع إليهم قولاً.
وقد سكتت التوراة عن ذلك.


وجاء في القرآن قولةُ السامري: ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه: 96].
وسكتت التوراة عن ذلك. وحَسَبَ الأُستاذ عبد الوهاب النجّار، أنّ هناك وجهاً سادساً للفرق بين القرآن والتوراة بشأن قصَّة العجل، قال: والّذي يظهر من عبارة سِفر الخروج: أنّ ذهاب الشيوخ السبعين كان قبل عبادة العجل، وأمّا القرآن، فإنّه يَذكر أنّه ذهب لتلقّي الألواح قبل عبادتهم العجل، وذهب مع الشيوخ السبعين بعد ذلك، وهذا هو المعقول.
والّذي أوقع الأُستاذ في هذا الوهم، أنّه وجد قوله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف: 155]، بعد قصّة العجل في نفس السورة.
لكن الثَبْتُ الموجود في المُصحف الشريف لا يَصلح دليلاً على الترتيب في الحوادث التي يذكرها القرآن، بل لا دليل فيه على أنّ النزول كان على نفس ترتيب الثّبت. من ذلك، قصّة ذبح البقرة، ثبتت في المُصحف قبل قصّة درءِ القتل في بني إسرائيل.
على أنّ في القرآن ما يشهد بوقوع مأساة العجل بعد ذهاب الشيوخ السبعين للميقات:
أوّلاً: أنّ ذهاب الشيوخ السبعين كان حسب الوعد للميقات، وقد صرّحت الآيات بأنّ مأساة العجل وقعت بعد هذا الميقات الذي طال أربعين ليلة.
قال تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142] ـ إلى قوله ـ ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ﴾ [الأعراف: 148].


وقال بشأن السبعين رجلاً: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا﴾ [الأعراف: 155].
أما فعْلُ السفهاء الذي يعتذر منه موسى، فهو طلبهم الرؤية: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ [النساء: 153].
ثانياً: التصريح بذلك في سورة النساء: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [النساء: 153].
ومن المعلوم أنّ هؤلاء الشيوخ السبعين إنّما صحبوا موسى للميقات؛ لإبلاغ رسالة القوم في طلب الرؤية، ومِن ثَمّ جاء في سورة طه: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ [طه: 83 – 85].

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد