قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) (1)، كيف يلتئم مع قوله: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا)؟! (2).
في الآية الثانية تقدير، أي أَمَرناهم بالصلاح والرَّشاد فَعَصوا وفَسَقوا عن أمر ربّهم، وهذا كما يقال: أَمَرتُه فعصى، أي أَمَرتُه بما يُوجب الطاعة لكنّه لم يُطِع وتمرّد عن امتثال الأمر وعن الطاعة.
وإليك الآية بكاملتها:
قال تعالى - بشأن الأمَم الذين عُوقبوا بسُوء أعمالِهم -: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (3).
تلك سُنّة الله جَرت في الخَلق: أنْ لا عقوبة إلاّ بعد البيان، ولا مُؤاخذة إلاّ بعد إتمام الحجّة، (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (4)... ثُمّ جاءت تلك الآية (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ) تفريعاً على هذه الآية؛ لتكون دليلاً على أنّ العقوبة إنّما تقع بعد البيان.
فمعنى الآية - على ذلك -: أنّ كلّ قرية إذا حقّ عليها العذاب فإنّما هو؛ بسبب طغيانهم وعصيانهم بعد البيان وبعد أَمرِهم بما يُسعدهم، لكنّهم بسوء اختيارهم شَقوا وعَصَوا، فجاءهم العذاب على أثر الطغيان والفُسوق والعصيان.
وإنّما ذَكَر الـمـُترفون بالخصوص؛ لأنّهم رأس الفساد والأُسوة التي تَقتدي بها العامّة في سوء تصرّفاتهم في الحياة.
قال الطبرسي - في أحد وجوه تفسير الآية -: إنّ معناه: وإذا أردنا أنْ نُهلك أهلَ قريةٍ - بعد قيام الحجّة عليهم وإرسال الرسل إليهم - أمرنا مترفيها أي رؤساءها وساداتها بالطاعة واتّباع الرُسل، أمراً بعد أمرٍ، نكرّره عليهم، وبيّنة بعد بيّنة، نأتيهم بها إعذاراً للعُصاة وإنذاراً لهم وتوكيداً للحجّة، ففسقوا فيها بالمعاصي وأبَوا إلاّ تمادياً في العصيان والكفران.
قال: وإنّما خصّ المترفون وهم الـمـُنعَّمون والرؤساء بالذِكر؛ لأنّ غيرهم تَبَعٌ لهم، فيكون الأمر لهم أمراً لأَتباعِهم.
قال: وعلى هذا، فيكون قوله: (أمرنا مترفيها) جواباً لـ (إذا)، وإليه يؤول ما روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير: أنّ معناه: أمرناهم بالطاعة فعصوا وفسقوا، ومِثله: أمرتك فعصيتني، ويشهد بصحّة هذا التأويل الآية المتقدّمة عليها، وهي قوله: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (5).
ــــــــــــــــــــــــــ
(1).. الأعراف 7: 28.
(2). الإسراء 17: 16.
(3). الإسراء 17: 16.
(4). الإسراء 17: 15.
(5). مجمع البيان، ج 6، ص 406
محمود حيدر
السيد عادل العلوي
د. سيد جاسم العلوي
الشهيد مرتضى مطهري
السيد عباس نور الدين
السيد محمد باقر الحكيم
عدنان الحاجي
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (1)
التّعامل مع سلوك الأطفال، محاضرة لآل سعيد في بر سنابس
القلب المنيب في القرآن
ماذا يحدث للأرض لحظة اختفاء الشمس؟ الجاذبية بين رؤيتين
{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}
لماذا نحتاج إلى التّواصل الفعّال مع الله؟
أطفال في يوم الفنّ العالمي يزورون مرسم الفنّان الضّامن
ملتقى الأحباب، جمعيّات القطيف تتكاتف لخدمة الأيتام
تجربتي في إدارة سلوكيات الأطفال، كتاب للأستاذ حسين آل عبّاس
الفروق الحقيقيّة بين المكي والمدني