من خلال ملاحظتنا لآيات القرآن فقد استعملت مفردة «الوحي» في القرآن المجيد في عدة معانٍ، بعضها تكوينية وأخرى تشريعية، وبصورة عامه فإنّها مستعملة في سبعة معان:
1 - «الوحي التشريعي» وهو الذي يهبط على الرسل...
2 - «الإلهامات التي توحى لغير الأنبياء» كما هو الأمر بالنسبة لأم موسى «وَأوْحَيْنَا إلَى أمِّ مُوسَى أنْ أَرْضِعِيهِ...». (القصص / 7) وهناك إلهام يماثل هذا إلّا أنّه يختلف عنه شكلياً، كالذي حدث لمريم، حيث تمثل لها الوحي وبشرها بولادة عيسى (مريم / 17 - 19).
3 - «وحي الملائكة» أي الخطابات الإلهيّة التي توجه إِليهم، كما جاء ذلك في قصة غزوة بدر الكبرى في سورة الأنفال الآية 12: «إذْ يُوحِى رَبُّكَ إلَى الْمَلَآئِكةِ أنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا».
4 - «الخطاب مع الإشارة» كما جاء ذلك في قصة حديث زكريا مع قومه: «فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الِمحْرَابِ فَأَوْحَى إلَيْهِم أنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً». (مريم / 11)
5 - «الإلقاءات الشيطانية الغامضة» كما جاء في الآية: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً». (الأنعام / 112)
6 - «تقدير القوانين الإلهيّة في عالم التكوين» كما في الآية: «وَأوْحَى فِى كُلِّ سَمَاءٍ أمْرَهَا». (فصلت / 12) وما جاء في شهادة الأرض يوم القيامة: «يَومَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبَارَهَا * بِأنَّ رَبَّكَ أوْحَى لَهَا». (الزَّلْزَلَةِ / 4 - 5) قد يكون تلميحاً لهذا المعنى من الوحي.
وقد جاءت مفردة الوحي بمعنى «خلق الغرائز» كما في الآية: «وَأوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحلِ أنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ». (النحل / 68)
ومن جهة أخرى فإنّ هبوط الوحي على الرسل جاء على أربع صورٍ على الأقل، كما جاء ذلك في القرآن المجيد، وهي:
1 - صورة ملك يشاهده الرسول.
2 - وسماع صوت الوحي دون رؤيته.
3 - وفي صورة إِلهام قلبي.
4 - وفي صورة رؤيا صادقة، كما جاء ذلك في قصة إبراهيم عليه السلام عندما أمره اللَّه أن يذبح ابنه إسماعيل (الصافات / 102)، أو ما حصل للرسول صلى الله عليه وآله عندما بشره اللَّه - بالرؤيا - بدخول المسلمين الكعبة آمنين (الفتح / 27).
وقد جاء في رواية أنّ أحد الصحابة سأل الرسول صلى الله عليه وآله: كيف ينزل عليك الوحي؟ فأجابه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: «يأتيني أحياناً مثل صلصلة الجَرس، وهو أشدُّهُ عليّ، فيفصم عني وقد وعيتُ ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول» «1».
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات: فنبيّ منبّأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة، ولم تبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط عليه السلام ونبيٌّ يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد أرسل إلى طائفة قلّوا أو كثروا كيونس عليه السلام.. والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل أولي العزم وقد كان إبراهيم عليه السلام نبياً وليس بإمام حتى قال اللَّه «إنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِى» فَقَالَ اللَّهُ: «لَا يُنَالُ عَهْدِى الظَّالِميِنَ» من عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً» «2». (البقرة / 124)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). بحار الأنوار، ج 18 ، ص 260.
(2). أصول الكافي ج 1 ، باب طبقات الأنبياء.
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد باقر الصدر
السيد عادل العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
آيات الأنفس الأولى
فرضية القائلين بالتكامل، وعدم وجود الحلقة المفقودة
الربّانية في ساحة الصراع
لمحة عن الإسكندر المقدوني
حاجة البشريّة إلى نظام
قارون والرأسمالية المستبدة
العسيّف يوقّع روايته الجديدة (مذكّرات أمل) في سيهات
السيد كامل الحسن: غياب الهدفية في حياة الإنسان
العلم الإلهامي برؤية جديدة
الشيخ عبد الجليل البن سعد: المجتمع الرّشيد