من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي آل محسن
عن الكاتب :
وُلد عام ١٣٧٧هـ في مدينة سيهات، التحق بالمدارس الحكومية وبعد إنهاء المراحل الدراسية الثلاثة والتخرج من الثانوية التحق بالجامعة لدراسة الطب، ولكنه تركها عام ١٣٩٨ للهجرة إلى مدينة قم المقدسة لطلب العلوم الدينية. عاد إلى القطيف عام ١٤٠٥هـ ومن ثم هاجر إلى النجف الاشرف مطلع عام ١٤١٦هـ وحضر البحث الخارج عند فقهائها وعلمائها البارزين، من مؤلفاته: دليل المتحيرين في بيان الناجين، الردود المحكمة، من هو خليفة المسلمين في هذا العصر وغيرها

من قتل الإمام الحسين (ع)؟ (2)

ثالثاً: إن الذين قتلوا الحسين عليه السلام رجال معروفون، وليس فيهم شخص واحد معروف بتشيعه لأهل البيت عليه السلام. منهم: عمر بن سعد بن أبي وقاص، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وحرملة بن كاهلة، وغيرهم. وكل هؤلاء لا يُعرفون بتشيع ولا بموالاة لعلي عليه السلام.

 

رابعاً: إن الحسين عليه السلام قد وصفهم في يوم عاشوراء بأنهم شيعة آل أبي سفيان، فقال عليه السلام: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرُباً كما تزعمون (1).

 

ولم نرَ بعد التتبع في كل كلمات الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء وخُطبه في القوم واحتجاجاته عليهم أنه وصفهم بأنهم كانوا من شيعته أو من الموالين له ولأبيه. كما أنّا لم نرَ في كلمات غيره عليه السلام من وصفهم بهذا الوصف، وهذا دليل واضح على أن هؤلاء القوم لم يكونوا من شيعة أهل البيت عليهم السلام، ولم يكونوا من مواليهم.

 

خامساً: إن القوم كانوا شديدي العداوة للحسين عليه السلام، إذ منعوا عنه الماء وعن أهل بيته، وقتلوه سلام الله عليه وكل أصحابه وأهل بيته، وقطعوا رؤوسهم، وداسوا أجسامهم بخيولهم، وسبوا نساءهم، ونهبوا ما على النساء من حلي... وغير ذلك.

 

قال ابن الأثير في الكامل 4 / 80: ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه مَن ينتدب إلى الحسين فيُوطئه فرسه، فانتدب عشرة، منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي، وهو الذي سلب قميص الحسين، فبرص بعدُ، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضّوا ظهره وصدره.

 

وقال 4 / 79: وسُلِب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته، وهي من خز، فكان يُسمَّى بعدُ (قيس قطيفة)، وأخذ نعليه الأسود الأودي، وأخذ سيفه رجل من دارم، ومال الناس على الورس والحلل فانتهبوها، ونهبوا ثقله وما على النساء، حتى إن كانت المرأة لتنزع الثوب من ظهرها فيؤخذ منها.

 

وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8 / 190 فيما رواه عن أبي مخنف: وقال: وأخذ سنان وغيره سلبه، وتقاسم الناس ما كان من أمواله وحواصله، وما في خبائه حتى ما على النساء من الثياب الطاهرة. وقال: وجاء عمر بن سعد فقال: ألا لا يدخلن على هذه النسوة أحد، ولا يقتل هذا الغلام أحد، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم. قال: فوالله ما ردَّ أحد شيئاً.

 

وكل هذه الأفعال لا يمكن صدورها إلا من حاقد شديد العداوة، فكيف يُتعقَّل صدورها من شيعي مُحِب؟!

 

سادساً: إن بعض قتَلَة الحسين قالوا له عليه السلام: إنما نقاتلك بغضاً لأبيك (2). ولا يمكن تصوّر تشيع هؤلاء مع تحقق بغضهم للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. وقال بعضهم: يا حسين، يا كذاب ابن الكذاب (3). وقال آخر: يا حسين أبشر بالنار (4). وقال ثالث للحسين عليه السلام وأصحابه: إنها ـ يعني الصلاة ـ لا تُقْبَل منكم (5).

 

وقالوا غير هذه من العبارات الدالة على ما في سرائرهم من الحقد والبغض لأمير المؤمنين وللحسين عليهما السلام خاصة ولأهل البيت عليهم السلام عامة.

 

سابعاً: إن المتأمِّرين وأصحاب القرار والزعماء لم يكونوا من الشيعة، وهم يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث بن قيس، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وعبد الله بن زهير الأزدي، وعروة بن قيس الأحمسي، وشبث بن ربعي اليربوعي، وعبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، والحصين بن نمير، وحجار بن أبجر.

 

وكذا كل من باشر قتل الحسين أو قتل واحداً من أهل بيته وأصحابه، كسنان بن أنس النخعي، وحرملة الكاهلي، ومنقذ بن مرة العبدي، وأبي الحتوف الجعفي، ومالك بن نسر الكندي، وعبد الرحمن الجعفي، والقشعم بن نذير الجعفي، وبحر بن كعب بن تيم الله، وزرعة بن شريك التميمي، وصالح بن وهب المري، وخولي بن يزيد الأصبحي، وحصين بن تميم وغيرهم.

 

بل لا تجد رجلاً شارك في قتل الحسين عليه السلام معروفاً بأنه من الشيعة، فراجع ما حدث في كربلاء يوم عاشوراء ليتبين لك صحة ما قلناه.

 

من كل ذلك نخلص إلى أن القول بأن الشيعة هم قتلة الحسين عليه السلام قول باطل لم يدل عليه دليل ولم تنهض به حجة. ولو سلمنا جدلاً بأن الذين باشروا قتل الحسين عليه السلام كانوا من الشيعة فلا يخفى أن الآمرين بذلك كانوا من أهل السنة، فيكون المشترك في قتله عليه السلام بعض الشيعة وبعض أهل السنة.

 

على أنه لا يمكن أن يُحمَّل مذهب من المذاهب مسؤولية فعل صدر من بعض أتباعه الذين كانت لهم دوافع سيئة أو مآرب شخصية، لأن إبطال المذاهب يكون بالأدلة الصحيحة لا بتصرفات المنتسبين إليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. راجع مقتل الحسين للخوارزمي 2 / 38 . بحار الأنوار 45 / 51 . اللهوف في قتلى الطفوف ، ص 45 .

2. ينابيع المودة ، ص 346 .

3. الكامل في التاريخ 4 / 67 .

4. الكامل لابن الأثير 4 / 66 . البداية والنهاية 8 / 183 .

5. البداية والنهاية 8 / 185 .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد