بينما رسول الله رأسه الشريف في حجر أمير المؤمنين علي (ع) دخل عليه ملك الموت مسلماً، فقال له رسول الله ما حاجتک؟ فقال: أنا رسول الله إليك، فقال النبي (ص) وأي الرسل أنت؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني إليك وهو يقرؤك السلام يخبرك بين لقائه أو الرجوع إلى الدنيا، فقال: أمهلني يا ملك الموت حتّى يأتي جبرئيل (ع) ويسلّم عليّ وأُسلّم عليه وأستشيره ، فخرج ملك الموت واستقبله جبرئيل (ع) في الهواء فقال: يا ملك الموت قبضت روح محمّد (ص)؟ فقال: يا أخي سألني أن لا أقبض روحه حتّى تأتي إليه ويستشيرك، فقال جبرئيل (ع): إنّ أبواب السماء مفتحة لروح محمّد (ص) أما ترى الحور العين قد تزيّنت لمحمّد (ص).
ثمّ إنّ جبرئيل (ع) نزل على النبي (ص) وقال: السّلام عليك يا أحمد السلام عليك يا محمّد السلام عليك يا أبا القاسم، قال: وعليك السلام يا أخي جبرئيل، إنّ ملك الموت استأذن عليّ وأراد قبض روحي واستبصرته مجيئك، فقال جبرئيل: يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام وهو مشتاق إليك . ولا استأذن ملک الموت على أحد قبلك. ولا يستأذن على أحد بعدك، قال النبي (ص): يا أخي جبرئيل إنّ ربّي خيّرني بين لقائه أو الرجوع إلى الدنيا فما الذي ترى، قال : يا محمّد (وَلَسَوْفَ يُعْطيك رَبُّك فَتَرْضى) قال النبي (ص): لقاء ربّي خير لي فلا تبرح يا حبيبي حتّى ينزل عليّ ملك الموت.
فما كان إلّا ساعة حتّى نزل ملك الموت وقال: السلام عليك يا محمّد، قال: وعليك السلام يا ملك الموت، ما تريد تصنع؟ قال: أقبض روحك، فقال: امض إلى ما أمرت به، فقال جبرئيل (ع): إنّ هذا آخر هبوطي إلى الدنيا ـ أي لنزول الوحي فإنه لا نبيّ بعده ـ فقال النبي (ص): ادن منّى يا أخي فدنا منه، وكان جبرئيل (ع) عن يمينه وميكائيل (ع) عن شماله، وملک الموت (ع) قابض لروحه المقدّسة ..
ثمّ قال النبي (ص) لعليّ (ع): ادن منّي يا أخي فقد جاء أمر ربّي، فدنا منه فناجاه من تحت ثوبه فجعل فاه في أذنه، فناجاه طويلاً حتّى خرجت نفسه الطيّبة، وكان كلّما كشف الثوب عن وجهه قال: عند الشدائد لا تخذلني يا حبيبي جبرئيل، فقال: يا محمّد إنّك ميّت وإنّهم ميّتون، كلّ نفس ذائقة الموت، فلمّا قضى نحبه ويد علي (ع) تحت حنكه الشريف وفاضت نفسه فيها فمسح بها وجهه ووجّهه إلى القبلة وغمّض عينيه، ثمّ انسل من تحت ثوبه، وقال لمن حضر: عظّم الله أجوركم في نبيّكم فقد قبضه الله إليه، فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب.
ثمّ إن أمير المؤمنين مع العبّاس غسّل رسول الله وحنّطه وكفّنه، واختلف أصحابه وأهل بيته في دفنه، فقال أمير المؤمنين علي (ع): إنّ الله لم يقبص روح نبيّه إلّا في أطهر البقاع، وإني لدافنه في البيت الذي توفّي فيه... وأمر من كان في المسجد من بني هاشم والمهاجرين والأنصار من لم يحضر السقيفة، وقال: إنّ رسول الله (ص) إمامنا حيّاً وميّتاً، فليدخل عليه منكم فوجاً فوجاً يصلّون عليه، وإنّ الله لم يقبض روح نبيّ إلّا في مكان ارتضاه لرمسه، وإنّي لدافنه في حجرته التي توفّي فيها، وأطاعه الناس ورضوا بقوله.
تنبيه هام: لا يخفى أنّ مورّخي خلفاء الجور من بني أميّة وبني العبّاس تلاعبوا في سرد حوادث التاريخ وحقائقه وحرّفوا الكلم عن مواضعها، طمعاً بحطام الدنيا وصلة الحكّام والملوك والخلفاء، فحينما ترجع إلى كتب الجمهور في وفاة النبي (ص) ترى إنّ أصل القصّة كما هي، إلّا أن الاختلاف في الشخصيّات، كقولهم كان وفاة النبي في بيت عائشة وفي حجرها، وإن أبا بكر أمّ الجماعة بإذن رسول الله ليدلّ على خلافته، لو كان كذلك فلماذا لم يستدل أحد من أهل السقيفة بذلك؟ فكان الأولى أن يستدلّ به لو كان كما قالوا، ثمّ إنّ أبا بكر أشار على الناس أن يدفن الرسول في بيته، وغير ذلك من تحريف حقائق التاريخ.
ولا أدري كيف ساغ للقوم وحلى لهم أن يدعوا جثّة رسولهم ونبيّهم الطاهرة على الأرض، ويشتغلوا في السقيفة بنصب خليفة له؟! إنّها خطّة مدبّرة ومحاكة من قبل، ولابدّ حينئذٍ كلّ مسلم ومسلمة من اتّخاذ موقف حاسم منها، فإمّا مع علي (ع) ومع جسد رسول الله (ص) في مسجده والصلاة عليه، وإمّا في السقيفة والخوض مع رجالها والدخول في صراعهم على السلطة والحكومة وقولهم: منّا أمير ومنكم أمير، ولا تقل هذا من التراث القديم، وأن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، وانه إنتهى ذلك الدور وعفا الله عمّا سلف، بل هذا في الواقع نقطة إنطلاق لاختيار العقيدة الصحيحة من بعد رحلة الرسول الأعظم محمّد (ص) (وقفوهم إنّهم مسؤولون) لأنّه أخبر سبحانه تعالى بالانقلاب على العقب بعد موت نبيّهم (أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) وكان الاختلاف إلى ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية يوم القيامة، كما أخبر رسول الله (ص) بذلك، فمن الفرقة الناجية بعد رسول الله (ص)؟ أصحاب غدير خم؟ أو أصحاب السقيفة؟!!
السيد عادل العلوي
محمود حيدر
الشيخ مرتضى الباشا
السيد عباس نور الدين
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ محمد جواد مغنية
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
بوح الأسرار: خلوة النبي (ص) بالزهراء (ع) قبل رحيله
الوداع الأخير
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (1)
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
خطة الرسول الأكرم (ص)
وصيّة نبي الرحمة (ص) قبيل رحيله
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ مفادها وفيمن نزلت (2)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (2)
التجّلي الأعظم (سرّ من أسرار رسول الله محمد)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (1)