محمد جواد مغنية ..
غزوة الأحزاب ، وتسمى أيضا وقعة الخندق ، وخلاصتها أن نفرا من زعماء اليهود استحثوا قريشا وغيرها من قبائل العرب على حرب رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) ، ورصدوا لذلك كثيراً من المال، واستطاعوا أن يحزبوا الأحزاب ، ويؤلفوا جيشاً ضخماً لا عهد للجزيرة العربية بمثله من قبل ، وزحف الجيش الهائل على المدينة بقيادة أبي سفيان .
ولما علم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بقصدهم أمر بحفر الخندق بإشارة من سلمان الفارسي ، وعمل الرسول فيه بيده ، وعمل معه المسلمون المخلصون ، وكان سلمان يلهبهم حماساً بحديثه عما أعد اللَّه للعاملين والمجاهدين ، ولكن المنافقين كانوا يثبطون عزم رسول اللَّه ويتسللون بغير علمه .
وانتهى حفر الخندق على أية حال ، وأقبلت الأحزاب بألوفها المؤلفة ، ولما رآهم المسلمون سيطر الخوف على كثير منهم ، واشتد عليهم البلاء ، وأخذوا يظنون باللَّه الظنون ، وزاد من فزعهم وهلعهم أن بني قريظة ، وهم قبيلة من اليهود ، كانوا يساكنون رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ، وكان بينه وبينهم عهد وميثاق أن لا يعينوا عليه عدواً ، وظلوا قائمين على العهد حتى جاء جيش الأحزاب ، فنقضوا العهد وأعلنوا الحرب في أصعب الظروف وأشقها على المسلمين . . وهذا هو شأن اليهود في كل زمان ومكان ، يتذللون كالكلاب حينما لا تساعدهم الفرصة ؟ ؟ ؟ على البغي والعدوان ، فإذا سنحت عقروا وغدروا . . وبعث الرسول (صلى الله عليه وآله) سعد ابن معاذ وجماعة من الصحابة إلى بني قريظة في محاولة لبقائهم على العهد ، فأصروا على الغدر ، فوقع المسلمون في حصار شديد يحيط بهم العدو من فوقهم ومن أسفل منهم .
وفي فقه السيرة للشيخ الغزالي : « أقبل عمرو بن ود وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب حتى رأوا مكاناً ضيقاً من الخندق ، فضربوا خيلهم فاقتحمته ، وأحس المسلمون بالخطر الداهم ، فأسرع فرسانهم يسدّون الثغر يقودهم علي بن أبي طالب ، وقال علي لعمرو بن ود ، وهو فارس شجاع معلم : يا عمرو إنك عاهدت اللَّه لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه .
قال : أجل . قال له علي : أدعوك إلى اللَّه ، إلى الإسلام . قال عمرو : لا حاجة لي بذلك . قال علي : أدعوك إلى النزال . فأجابه عمرو : ولم يا ابن أخي فو اللَّه ما أحب أن أقتلك - استصغاراً لشأنه - فقال له علي : لكني واللَّه أحب أن أقتلك . . فحمي عمرو واقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ، ثم أقبل على علي ، فتنازلا وتجالدا ، فقتله علي ، وخرجت خيل المشركين من الخندق منهزمة حتى اقتحمته هاربة » .
ولما شعر جيش الأحزاب أنه لا سبيل إلى اقتحام الخندق أخذوا يصوبون سهامهم على المسلمين، فأصاب سهم منها أكحل سعد بن معاذ وجرحه جرحاً بليغاً ، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحمل إلى امرأة بالمدينة تدعى رفيدة كانت تداوي جرحى المسلمين لوجه اللَّه . فقال سعد ، وقد رأى جرحه المميت : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً ، فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسول اللَّه وكذبوه وأخرجوه ، وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقرّ عيني من قريظة . وقد استجاب اللَّه دعاءه ، حيث حكّمه في بني قريظة ، فعاقب رجالهم بالقتل ، ونساءهم بالسبي . ويأتي التفصيل عند تفسير الآية 26 : (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ).
ودام الحصار بضعاً وعشرين ليلة ليس فيها إلا الترامي بالنبل والحجارة . وفجأة هبت ريح عاتية دكت معسكر الأحزاب ، واقتلعت خيامهم ، وأفسدت كل شيء ، فانسحبوا مخذولين بقيادة أبي سفيان ، وأيّد اللَّه نبيه بنصره ، وهتف يقول : لا إله إلا اللَّه وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، فلا شيء بعده .
واتفق الرواة على أن هذه الغزوة كانت في السنة الخامسة من الهجرة ، واختلفوا في تعيين الشهر ، فمن قائل : إنه ذو القعدة ، وقائل : إنه شوال .
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان