من التاريخ

مسألة أبي حنيفة للإمام الكاظم (عليه السلام)


ورد أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة مرة، ومعه عبد الله بن مسلم، فقال له: يا أبا حنيفة، إن ها هنا جعفر بن محمد، من علماء آل محمد، فاذهب بنا إليه، نقتبس منه علمًا، فلما أتيا إذا هما بجماعة من علماء شيعته، ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه، فبينما هم كذلك إذ خرج غلام حدث، فقام الناس هيبة له. فالتفت أبو حنيفة فقال: يا ابن مسلم من هذا؟.
قال: موسى ابنه.
قال: والله لأخجلنه بين يدي شيعته.
قال: لن تقدر على ذلك.
قال: والله لأفعلنه.
 ثم التفت إلى موسى (عليه السلام)، فقال: يا غلام، أين يضع الغريب في بلدتكم هذه؟.
قال (عليه السلام): يتوارى خلف الجدار، ويتوقى أعين الجار، وشطوط الأنهار، ومسقط الثمار، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، فحينئذ يضع حيث يشاء.
ثم قال أبو حنيفة: يا غلام ممن المعصية؟
قال (عليه السلام): يا شيخ لا تخلو من ثلاث:
إما أن تكون من الله، وليس من العبد شيء، فليس للحكيم أن يأخذ عبده بما لم يفعله.
وإما أن تكون من العبد ومن الله، والله أقوى الشريكين، فليس للشريك الأكبر أن يأخذ الشريك الأصغر بذنبه.
وإما أن تكون من العبد، وليس من الله شيء، فإن شاء عفا وإن شاء عاقب.
قال عبد الله بن مسلم: فأصابت أبا حنيفة سكتة، كأنما ألقم فوه الحجر. قال: فقلت له: ألم أقل لك لا تتعرض لأولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله)[1].
ـــــــــــــــــ
[1] الاحتجاج، الطبرسي، ج2، ص387-388

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد