من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ جعفر السبحاني
عن الكاتب :
من مراجع الشيعة في ايران، مؤسس مؤسسة الإمام الصادق والمشرف عليها

الكراميّة


الشيخ جعفر السبحاني ..

الحركات الرجعيّة
وهذه الفرقة منسوبة إلى محمّد بن كرّام السجستاني شيخ الكرامية ( م ٢٥٥ ).
قال الذهبي : « ساقط الحديث على بدعته ، أكثر عن أحمد الجويباري ومحمّد بن تميم السعدي وكانا كذّابين ».
قال ابن حبّان : « خذل ، حتّى التقط من المذاهب أردأها ، ومن الأحاديث أوهاها ... وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة ».
وقال ابن حزم : « قال ابن كرّام : الإيمان قول باللسان ، وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن. ومن بدع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام وقد سُقت أخبار ابن كرّام في تأريخي الكبير. وله أتباع ومريدون وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام ، ثم أخرج وسار إلى بيت المقدس ، ومات بالشام سنة ٢٥٥ هـ . » (1).
يلاحظ عليه : أنّ ما أسماه مؤمناً سمّاه القرآن منافقاً. قال سبحانه ( إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) ( المنافقون / ١ ).
وقاعدة مذهبه التجسيم ، وتوصيف الواجب بأمور حادثة ، وكلّ ما يذكره أصحاب الملل والنحل يرجع إلى هذا الأصل ، وأمّا أصنافهم فقد ذكر البغدادي أنّ للكرّامية بخراسان ثلاثة أصناف : حقائقية ، والطزائقية واسحاقية (2) وذكر الشهرستاني لها اثنتي عشرة فرقة وأنّ أصولها ستّة.
وكانت الحركة الكرّامية ، حركة رجعية بحتة حيث دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده ، وأنّه جسم له حدّ ونهاية من تحت والجهة الّتي منها يلاقي عرشه. وقال البغدادي : وهذا شبيه بقول الثنوية : إنّ معبودهم الّذي سمّوه نوراً ، يتناهى من الجهة التي تُلاقي الظلام وإن لم يتناه من خمس جهات.
ومن عقائده : أنّ معبودهم محلّ للحوادث وزعموا أنّ أقواله وإراداته ، وإدراكاته للمرئيات ، وإدراكاته للمسموعات ، وملاقاته للصفحة العليا من العالم ، أعراض حادثة فيه ، وهو محلّ لتلك الحوادث الحادثة فيه (3).
ومن غرائب آرائه أنّه وصف معبوده بالثِّقل وذلك أنّه قال في كتاب « عذاب القبر » في تفسير قول الله عزّ وجلّ : ( إذا السماء انفطرت ) : أنّها انفطرت من ثقل الرحمان عليها.
إلى غير ذلك من المضحكات والمبكيات في الأصول والفقه. وقد ذكر البغدادي آراءه الفقهيّة أيضاً وذكر فيه قصّة عجيبة من أرادها فليرجع إليه (4).
إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات أخر ، ذكرها البغدادي ، وقد بلغت جرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم : إنّ النّبيّ أخطأ في تبليغ قوله « ومناة الثالثة الأخرى » حتّى قال بعده : « تلك الغرانيق العلى ، وإنّ شفاعتها ترتجى » (5).
مع أنّ قصّة الغرانيق أقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة وقد أوضحنا حالها في محاضراتنا باسم سيّد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » فلاحظ.
ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد والاكتفاء بالروايات ، مع ما فيها من أباطيل وترّهات وضعها الأعداء ، واختلقتها الأهواء فهي من أسوأ الحركات الرجعية ، الظاهرة في أواسط القرن الثالث.
ــــــــــــــــ
1ـ ميزان الاعتدال : ج ٤ ص ٢١.
2ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١٥.
3ـ الملل والنحل : ج ١ ص ١٠٨.
4ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١٨ ـ ٢٢٥.
5ـ الفرق بين الفرق : ص ٢٢٢.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد