في وصيّةِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) لعبدِ اللهِ بنِ جندبٍ: «الْمَاشِي فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَالسَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَاضِي حَاجَتِهِ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ، وَمَا عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً إِلَّا عِنْدَ اسْتِهَانَتِهِمْ بِحُقُوقِ فُقَرَاءِ إِخْوَانِهِمْ».
لقد عملَ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) في حياتِه على إعدادِ عدّةٍ مؤمنةٍ مسلمةٍ دينيةٍ أصيلةٍ ثوريةٍ مضحيّةٍ في كلّ أنحاءِ العالمِ الإسلامي، وكان جهدُ الإمامِ على أنْ تكونَ هذه الجماعةُ الصالحةُ تمتلكُ مِنَ الصفاتِ ما يشارُ إليها كنموذجِ قدوةٍ لسائرِ الناسِ، ومن هنا كانت تربيةُ الإمامِ لهم على التحلّي بالخصالِ الاجتماعيةِ التي تُشكِّلُ عماداً للتماسكِ والترابطِ، ومن أهمِّها الاهتمامُ ببعضِهم البعض، وعنايتُهم بقضاءِ الحوائجِ، ورعايةِ الحقوقِ وعدمِ الظلمِ والتعدّي، وردَ عنه (عليه السلام): «إنَّ العبدَ ليمشي في حاجةِ أخيه المؤمنِ فيوكلُ اللهُ عزَّ وجلَّ به ملَكَين: واحداً عن يمينِه وآخرَ عن شمالِه، يستغفران له ربَّه ويدعوان بقضاءِ حاجتِه».
بل في وصيةِ الإمامِ (عليه السلام) نجدُه يجعلُ الولايةَ التي يطمحُ الشيعيُّ أنْ يكونَ من أهلِها مرتبطةً بعدمِ ظلمِ الناسِ وبمواساةِ الإخوانِ يقولُ (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، بَلِّغْ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَقُلْ لَهُمْ لَا تَذْهَبَنَّ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ فَوَاللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدُّنْيَا وَمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَظْلِمُ النَّاسَ».
ومن المواطنِ التي يُختبرُ فيها الشيعيُّ هو مواساتُه للناسِ بما يملكُ من مالٍ يقولُ (عليه السلام): «امتحنوا شيعتَنا عند ثلاثٍ: عند مواقيتِ الصلاةِ كيف محافظتُهم عليها، وعند أسرارِهم كيف حفظُهم لها عند عدوِّنا، وإلى أموالهم كيف مواساتُهم لإخوانِهم فيها».
كما ويحثُّ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) الشيعةَ على التزاورِ فيما بينهم والإحسانِ لبعضِهم بعضاً، يقول: «أَمَا إِنَّهُ مَا يُعْبَدُ اللَّهُ بِمِثْلِ نَقْلِ الْأَقْدَامِ إِلَى بِرِّ الْإِخْوَانِ وَزِيَارَتِهِمْ».
كما يؤكّدُ الإمامُ (عليه السلام) في وصيّتهِ على الاهتمامِ حتى بأهلِ المعاصي من الشيعةِ، وذلك من خلالِ التعاملِ معهم بما يجعلُهم في حصنٍ من ارتكابِ المعاصي، والرحمةِ بهم بما يجذبُهم إلى الطاعاتِ، وذلك باجتنابِ الإساءةِ لهم، يقول (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، لَا تَقُلْ فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ أَهْلِ دَعْوَتِكُمْ إِلَّا خَيْرًا، وَاسْتَكِينُوا إِلَى اللَّهِ فِي تَوْفِيقِهِمْ وَسَلُوا التَّوْبَةَ لَهُمْ».
ومن أهمِّ القواعدِ الاجتماعيةِ التي حثَّ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) شيعتَه على المحافظةِ عليها أنْ تكونَ سيرتُهم مبادلةَ الإساءةِ بالإحسانِ وذلك انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
يقولُ (عليه السلام): «يَا ابْنَ جُنْدَبٍ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ سَبَّكَ وَأَنْصِفْ مَنْ خَاصَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ كَمَا أَنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ، فَاعْتَبِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَأَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَالْخَاطِئِينَ».
وكانت شهادةُ الإمامِ جعفرٍ بنِ محمدٍ الصادقِ (عليهما السلام) في 25 (خمسٍ وعشرين) من شوّال عامَ 148 (مئةٍ وثمانيةٍ وأربعين) للهجرة مسموماً بما دسّه المنصورُ العباسيُّ، ودُفنَ (عليه السلام) في البقيعِ.
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ حسن المصطفوي
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ شفيق جرادي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد صنقور
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
سرّ غضب الله
معنى (مهل) في القرآن الكريم
سرّ السعادة الزوجية
(قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (5)
الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم) (2)
إستراتيجية الكوفة في خلافة علي(ع) (2)
زينب صفر وحديث حول الأطفال الموهوبين
إستراتيجية الكوفة في خلافة علي(ع) (1)
الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم) (1)