من التاريخ

حال السبايا في الشام

 

الشيخ عباس القمي
قال السيد والمفيد :  قالت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) : لما جلسنا بين يدي يزيد رقّ لنا ، فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر، فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية (يعنيني) وكنت جارية وضيئة ، فأرعدت وظننت أنّ ذلك جائز لهم ، فأخذت بثياب عمّتي وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون.
فقلت : أوتمت وأستخدم؟ (أي صرت يتيمة ثم أصير خادمة؟).
فقالت عمّتي للشامي : كذبت واللّه ولؤمت واللّه ما ذلك لك ولا له ، فغضب يزيد وقال: كذبت واللّه إنّ ذلك لي ولو شئت أن أفعل لفعلت ، قالت : كلّا واللّه ما جعل اللّه لك ذلك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها.
فاستطار يزيد غضبًا وقال : إيّاي تستقبلين بهذا؟ إنمّا خرج من الدين أبوك وأخوك .
قالت زينب : بدين اللّه ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وأبوك وجدّك إن كنت مسلمًا.
قال: كذبت يا عدوة اللّه، قالت: أنت أمير تشتم ظالـمًا وتقهر بسلطانك، فكأنّه استحيا وسكت.
وعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية ، فقال له يزيد : اعزب وهب اللّه لك حتفًا قاضيًا ، فقال الشامي : من هذه الجارية؟.
فقال يزيد : هذه فاطمة بنت الحسين وتلك زينب بنت عليّ بن أبي طالب.
فقال الشامي : الحسين بن فاطمة وعليّ بن أبي طالب؟.
قال : نعم.
قال الشاميّ : لعنك اللّه يا يزيد تقتل عترة نبيك وتسبي ذريته ، واللّه ما توهّمت إلّا أنهم سبي الروم .
فقال يزيد : واللّه لألحقنّك بهم ثم أمر به فضرب عنقه‏ .
قال الشيخ المفيد : ثم أمر (يزيد) بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة معهنّ أخوهنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) فأفرد لهم دارًا تتصل بدار يزيد ، لا يكنهم‏  من حر ولا برد ، فأقاموا به حتى تقشرت وجوههم ، وكانوا مدة إقامتهم في البلد ينوحون على الحسين (عليه السلام)‏ .
وفي رواية أنّه : لما قتل الحسين (عليه السلام) لم يبق ببيت المقدس حصاة إلّا وجد تحتها دم عبيط.
وحكي أن يزيد لعنه اللّه أمر بأن يصلب الرأس على باب داره وأمر بأهل بيت الحسين (عليه السلام) أن يدخلوا داره، فلما دخلت النسوة دار يزيد لم يبق من آل معاوية ولا آل أبي سفيان أحد إلّا استقبلهنّ بالبكاء والصراخ والنياحة على الحسين (عليه السلام) وألقين ما عليهنّ من الثياب والحليّ وأقمن المأتم عليه ثلاثة أيام ، وخرجت هند بنت عبد اللّه بن عامر زوجة يزيد - وكانت قبل ذلك تحت الحسين (عليه السلام) - وجاءت إلى مجلس يزيد ، وكان الملعون جالسًا في مجلس عام.
فقالت : يا يزيد أرأس ابن فاطمة بنت رسول اللّه مصلوب على فناء داري؟ فوثب إليها يزيد فغطاها وقال : نعم فأعولي عليه يا هند وابكى على ابن بنت رسول اللّه وصريخة قريش ، عجل عليه ابن زياد لعنه اللّه فقتله قتله اللّه‏ .
قال العلامة المجلسي في جلاء العيون بعد ذكره لحكاية الشامي الأحمر:
ثم أمر يزيد بأهل البيت (عليهم السّلام) إلى السجن وأخذ زين العابدين (عليه السلام) معه إلى المسجد ، ثم‏ دعا الخطيب وأمره أن يصعد المنبر ، فصعد وبالغ في ذمّ أمير المؤمنين والحسين الشهيد (عليهما السّلام) والمدح لمعاوية ويزيد، فصاح به عليّ بن الحسين (عليه السلام) : ويلك أيّها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوّأ مقعدك من النار.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد