من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

اتهام الشريف الرضي بالزيدية

قال ابن عنبة: «ووجدت في بعض الكتب: أنّ الرضيّ زيديّ المذهب، وأنّه كان يرى أنَّه أحقّ من قريش بالإمامة» (1).

 

مناقشة النص:

ونقول: إنّ ذلك لا يصح؛ فإنّ كونه «رحمه الله» إماميًّا أشهر من النار على المنار، ومن الشمس في رابعة النهار.. ووضوح ذلك: إلى حد أنّه لا يحتاج إلى بيان، ولا إلى إقامة برهان.. ومع ذلك، فإنّنا نشير إلى ما يلي:

 

1 - قال السيوطي، عن والد الشريف الرضيّ، في كتابه «حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة»: «..كان الشريف أبو أحمد، سيداً عظيماً، مطاعاً. وكانت هيبته أشد هيبة، ومنزلته أرفع المنازل، ولقبه ب‍ : «الطاهر» و«الأوحد» و« ذو المناقب». وكانت فيه كل الخصال الحسنة، إلا أنّه كان رافضياً هو وأولاده، على مذهب القوم..» (2).

 

2 - بل لقد كان هو وأبوه، وأخوه من رؤساء الشيعة، قال ابن تغرى بردى: «..عالي الهمّة، متديناً، إلا أنَّه كان على مذهب القوم، إماماً للشيعة، هو وأبوه وأخوه..» (3).

وواضح: أنَّه يقصد كونه إماماً للشيعة الاثني عشريّة الإماميَّة، الذين كانوا يعيشون في بغداد، ولا سيما في محلة الكرخ المشهورة، وكان الشريف وأبوه وأخوه من كبار الشخصيات التي قامت بدور هام في الدفاع عن هؤلاء الشيعة والحفاظ عليهم في الفتن التي كانت تحصل بينهم وبين غيرهم، وكذلك قامت بالدور القوي والفاعل في نشر وترسيخ هذا المذهب..

 

3 - ومما يؤيد كونه إمامياً: أنَّه ألَّف في حداثة شبابه كتاباً في خصائص الأئمة الاثني عشر «عليهم السلام»، ولكنّه لم يتمّه (4).

 

4 - كما أنّ مما يؤيّد ذلك: أنّه قد ذكر قبور الأئمة الاثني عشر «عليهم السلام»، في قصيدته البائية، التي منها: سقى الله المدينة من محل، لباب الماء والنطف العذاب، وجاد على البقيع وساكنيه، رخى الذيل ملآن الوطاب، وأعلام الغري وما استباحت، معالمها من الحسب اللباب، وقبر بالطفوف يضم شلواً.. إلى آخر القصيدة (5).

 

5 - وقال الدكتور عبد الفتاح الحلو: «وربّما أكّد نسبة الرضيّ إلى الإماميّة قوله في مخاطبة بني أميّة: بني أميّة ما الأسياف نائمة، عن ساهر في أقاصي الأرض موتور... فهو يعني الإمام الثاني عشر المنتظر، إن لم يكن يعني نفسه» (6).

 

6 - ويؤيّد ذلك أنّه «رحمه الله» قد ذكر الأئمة الاثني عشر «عليهم السلام» في قصيدته الأخرى المشهورة، التي قالها وهو بالحائر الحسيني، والتي مطلعها: كربلا لا زلت كرباً وبلا، ما لقي عندك آل المصطفى.. إلى أن قال: معشر منهم رسول الله والكا شف للكرب إذا الكرب عرا، صهره الباذل عنه نفسه، وحسام الله في يوم الوغى، أولى الناس إلى الداعي الذي، لم يقدم على غيره لما دعا، ثمّ سبطاه الشهيدان فذا، بحسى السمّ وهذا بالظبا، وعليّ وابنه الباقر والصادق القول وموسى والرضا، وعليّ وأبوه وابنه، والذي ينتظر القوم غدا، يا جبال المجد عزاً وعلاً، وبدور الأرض نوراً وسنا...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عمدة الطالب، ص 210، وروضات الجنات، ص 548.

(2) مجلة تراثنا، السنة الأولى، العدد الخامس، ص 265، مقال للشيخ محمد هادي الأميني.

(3) النجوم الزاهرة، ج 4، ص 240.

(4) نهج البلاغة، مقدمة الشريف الرضيّ، ج 1 ص 2 وص 54 من نفس النهج، وديوان الشريف الرضيّ، مقدمة الدكتور عبد الفتاح الحلو، ص 43 وص 99، وراجع أيضاً روضات الجنات ص 548، وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، ج 3 ص 430 ورجال النجاشي، ص 398 وعمدة الطالب، ص 207 والدرجات الرفيعة، ص 467 والغدير، ج 4 ص 198 وثمة مصادر أخرى، فراجع مقدمة الحلو لديوان الشريف، ص 99 - 101.

(5) تراثنا (مجلة)، السنة الأولى، العدد الخامس، ص 266، مقال للشيخ محمد هادي الأميني.

(6) ديوان الشريف الرضيّ، مقدمة الدكتور الحلو، ص 43.

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد