من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ باقر القرشي
عن الكاتب :
الشيخ باقر بن الشيخ شريف بن الشيخ مهدي بن الحاج ناصر بن الشيخ قاسم بن الشيخ محمد بن الشيخ مسعود بن عمارة القرشي .rn عالم عراقي بارز، و كاتب و محقق متخصص في التاريخ الإسلامي وسيرة المعصومين عليهم السلام.rn ولد عام 1344 هـ في النجف الأشرف / العراق .rn التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف فدرس الفقه و الأصول و العلوم الإسلامية فتخرج منها برتبة عالية .rn من أساتذته: آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره، آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره.rn مؤلفاته تجاوزت السبعين منها: حياة الرسول الأعظم (٣ مجلدات)، موسوعة حياة اهل البيت (٤٢ مجلداً).rn توفي يوم الأحد 26 رجب سنة 1433 هـ في النجف الأشرف فصلى عليه المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره .rn دفن في مكتبته الخاصة ( مكتبة الامام الحسن عليه السلام ) في النجف الأشرف عصر يوم الأثنين الموافق 18/6/2012.rn

ولاء الشيعة لأئمة أهل البيت عليهم السلام

لم يكن ولاء الشيعة للأئمة الطاهرين عليهم السلام ناشئًا عن عاطفة أو عصبية، وغير ذلك مما يؤول أمره إلى التراب، وإنما كان ناشئًا عن الأدلة الحاسمة فقد فرضت عليهم وعلى كل مسلم مودتهم، قال تعالى: ( قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى) (1) فقد حصرت الآية الكريمة أجر ما عاناه النبي (ص) من الجهود والمصاعب في أداء رسالته الخالدة بمودة أهل بيته الذين هم حملة رسالته ووعاة كتابه، كما تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في لزوم حبهم ومودتهم فقد قرنهم بمحكم التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وذلك في حديث الثقلين الذي أجمع المسلمون على روايته، والإيمان بصحته.

 

وقد ضمن النبي (ص) فيه لأمته أن لا تزيغ عن طريق الهدى والصواب إن تمسكت بكتاب الله تعالى وبعترته، كما شبههم النبي (ص) بسفينة نوح فقال: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى. وخاطبهم الإمام الشافعي بقوله:

 

يا آل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

 

ويقول الفرزدق في رائعته:

من معشر حبهم دين وبعضهم

كفر وقربهم منجى ومعتصم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

 

وقد قنع الشاعر حرب بن المنذر بن الجارود باليسير من دنياه لأنه ظفر بولاء أهل البيت عليهم السلام يقول:

فحسبي من الدنيا كفاف يقيمني

وأثواب أكفان أزور بها قبري

وحسبي ذوي قربى النبي محمد

فما سألنا إلا المودة من أجر (2)

 

ويقول الشاعر الموهوب السيد الحميري الذي ذاب في ولائه لأهل البيت:

إني امرؤ حميري غير جدي

رعين وأخوالي ذو يزن

ثم الولاء أرجو النجاة به

يوم القيامة للهادي أبي حسن (3)

 

وقد رد عبد الله بن كثير السهمي على من جعل حبه لأهل البيت ذنبًا قال:

إن امرءًا أمست معايبه

حب النبي لغير ذي ذنب

وبني أبي حسن ووالدهم من

طاب في الأرحام والصلب

أيعد ذنبًا أن أحبهم بل

حبهم كفارة الذنب (4)

 

ورد أبو الأسود الدوؤلي على من لامه لحب أهل البيت قال:

أمفندي في حب آل محمد

حجر بفيك فدع ملامك أو زد

من لم يكن بحبالهم متمسكًا

فليعترف بولاء من لا يرشد (5)

 

وقال أبو الأسود يرد على بني قشير الذين عابوا عليه ولاءه للإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأهل بيته.

أحب محمدًا حبًّا شديدًا

وعباسًّا وحمزة والوصيا

وجعفرًا إنّ جعفرًا خير

شهيد في الجنان مهاجريا

هوى أعطيته منذ استدارت

رحى الإسلام لم يعدل سويّا

يقول الأرذلون بنو قشير

طوال الدهر لا تنسى عليّا

فقلت لهم: وكيف يكون تركي

من الأعمال ما يقضي عليّا

بنو عم النبي وأقربوه

أحب الناس كلهم إليّا (6)

 

ويقول الكميت شاعر الإسلام في إحدى روائعه التي نظم فيها ولاءه لأهل البيت:

إليكم ذوي آل النبي تطلعت

نوازع من قلبي ظماء وألبب

فطائفة قد كفرتني بحبكم

وطائفة قالوا : مسيء ومذنب

فما ساءني تكفير هاتيك منهم

ولا عيب هاتيك التي هي أعيب

يعيبونني من خبهم وضلالهم

على حبكم بل يسخرون وأعجب

وقالوا: ترابي هواه ورأيه

بذلك أدعى فيهم وألقب (7)

 

وقال الشاعر الكبير علي بن عباس الشهير بابن الرومي:

يا هند لم أعشق ومثلي لا يرى

عشق النساء ديانة وتحرجا

لكن حبي للوصي مخيم

في الصدر يسرح في الفؤاد تولجا

فهو السراج المستنير ومن به

سبب النجاة من العذاب لمن نجا

وإذا تركت له المحبة لم أجد

يوم القيامة من ذنوبي مخرجا

قل لي: أأترك مستقيم طريقه

جهلا وأتبع الطريق الأعوجا

وأراه كالتبر المصفى جوهرًا

وأرى سواه لنا قديه مبهرجا

ومحلّه من كل فضل بين عال

محل الشمس أو بدر الدّجى

قال النبي له مقالًا لم يكن

يوم الغدير لسامعيه ممجمجا

من كنت مولاه فذا مولى له

مثلي وأصبح بالفخار متوجا (8)

 

وقد عبر هذا الشعر وما قبله عن خالص الود وعميق الحب لأهل البيت، ولم يكن فيه أي غلو أو إفراط في الح ، وإنما كان متسمًا بالتوازن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الشورى: آية 23.

(2) البيان والتبين 3 / 365.

(3) البيان والتبين 3 / 36.

(4) نفس المصدر.

(5) ديوان أبي الأسود ص 253.

(6) ديوان أبي الأسود ص 253.

(7) الهاشميات.

(8) مناقب ابن شهر أشوب 1 / 531.

 

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد