قراءة في كتاب

إحياء مراسم عاشوراء

 

علي جعفر .. 

في حديث للإمام الخميني "رض": "أحيوا ذكرى نهضة كربلاء والاسم المبارك للحسين بن عليّ عليه السلام فبإحياء ذكراه يحيا الإسلام".
هي ثورة بحجم السّماء على أرض لم تزل منذ خلقت مسرحًا لتصارع القيم الإنسانيّة. فكان الحسين عليه السّلام سبط الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله أعظم ما ادخرته السّماء ليزيح عنه كل ما يشدّه إلى الأرض. هكذا قدّم لكتاب "إحياء مراسم عاشوراء" الّذي يتضمّن حوارًا مع آية اللّه الشّيخ محمد تقي مصباح اليزدي لتوفير أرضيّة لرقي معرفة شبابنا بالنّسبة للمراسم العاشورائيّة، وتسليط الضّوء بصورة أكبر على ثقافة عاشوراء. 


تخليد واقعة عاشوراء
عن رسول الله (ص) : "مكتوب على ساق العرش: إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة". وتحت هذا العنوان لفت الكاتب إلى أن الحوادث الماضية يمكن أن تكون لها آثار ضخمة في مصير المجتمع ومستقبله. فجميع العقلاء في العالم يحييون ذكريات مثل هذه الشّخصيّات العظيمة ويعبر عن ذلك "بحس الاعتراف بحق الآخر أو الاعتراف بالجميل للآخر" كرغبة فطريّة موجودة في أعماق النّاس. ويضيف "لـمّا كانت واقعة عاشوراء حادثة عظيمة في تاريخ الإسلام، وكان لها دور مصيري في سعادة المسلمين وتبيين سبيل الهداية للناس، لهذا أصبحت تلك الواقعة ذات قيمة عظيمة عندنا، ويغدو إحياؤها وتذكّرها وإعادة صياغتها أمرًا لا يمكن التّفريط به".


الإحياء المناسب للواقعة
ومن ثم طرح سؤال على الشّيخ متعلّق بالإحياء لكن بشكل يترتّب عليه أضرار اقتصاديّة واجتماعيّة أقل. فأكّد سماحته أنّ البحث حول شخصية سيّد الشّهداء، وتنظيم النّدوات والمحاضرات وغيرها من الأمور النّافعة، لكن تساءل إن كانت هذه الأمور كافية لكي ننتفع بشكل كامل من حادثة عاشوراء أم أن هناك أمورًا أخرى ضروريّة مثل إقامة العزاء في مجاله الخاص، وعن هذه الأسئلة رد سماحته قائلًا أن جلسات البحث والتّحقيق والخطابة تزوّدنا بالمعارف اللّازمة، لكنّنا لا نستطيع استبعاد الطّائفة الثّانية الّتي تعتمد على تنمية العواطف وتقوية المشاعر، ومن الواضح أنّ للمعرفة دورًا في تذكّر ودراسة الواقعة، لكن الدّور الأساسي تنهض به الأمور الّتي لها تأثير مباشر على العواطف والمشاعر.
كما ويلاحظ عندما تعاد صياغة مشهد معيّن ويتأمّل عن كثب فإنّ هذا يختلف كثيرًا عما لو اكتفى بسماعه فقط، وكلّما كانت المشاهد أكثر تأثيرًا في تحريك عواطفنا فإنّ حادثة عاشوراء تصبح أكثر تأثيرًا في حياتنا. وأضاف: "صحيح أنّ النّاس يعلمون أنّ غدًا هو اليوم الأوّل من شهر محرّم، ولكن لمشاهدة الأعلام السّود أثر في قلوبهم لا يحقّقها أي عمل آخر". 


مراسم الحزن وإقامة العزاء
وضمّ الحوار مع سماحته تساؤلًا يخطر في ذهن الشّباب حول الإصرار على البكاء، وإقامة مجالس العزاء، فلماذا لا نستغل الفرح لإثارة المشاعر؟ وكان رده أن هذه العواطف في داخلنا لها ألوان مختلفة، يتحرّك كل يوم حسب الحادثة المناسبة له، وواقعة كهذه استطاعت النّهوض بأكبر دور في التّاريخ الإسلامي باستشهاد حفيد رسولنا محمد (ص) لا يكفيها إقامة مجالس الفرح والسّرور، ولا بدّ من القيام بعمل يثير حزن النّاس ويجري دموعهم ويغرس العشق والحماس في قلوبهم، فهذا الضّحك والسّرور لا يخلق إنسانًا طالبًا للشّهادة ولا يعبّد طريقه ليتحمّل آلام ومصائب الحروب.


اللّعن على أعداء الإمام الحسين 
وفي نهاية الحديث استوضح من سماحته عن مسألة اللّعن لأعداء الإمام خصوصًا في ظلّ الأبواق الّتي تعارض هذه المسألة وتدعو إلى استبدال اللّعن بالسّلام على الحسين ألف مرة على سبيل المثال، وأنّنا في زمنٍ لا بدّ فيه من التّعايش مع الجميع بسلام وابتسام ووئام.
فلفت سماحته إلى أنّ هكذا تساؤلات من المحتمل أن تدور في مخيّلة شخص لديه أغراض خاصّة ويتّبع سياسات أخرى. وردّ بحزم معتبرًا أنّه  ليس هناك ضرر أشد وأبلغ على الإنسان من هدم دينه، والعدو الحقيقي للإنسان هو من يحاول  أن يسرق من الإنسان دينه. 
يقول تعالى "إنّ الشيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوًّا"، فكيف يمكن الابتسام للشيطان والعيش بوئام وسلام معه؟ فإذا كان من الضّروري المحبّة لأولياء اللّه فالعداوة لأعدائه ضرورة، هذه هي فطرة الإنسان وهذا هو عامل تكامله وسعادته. وإن لم تتحقّق العداوة فإنّ سلوك الإنسان معهم يرقى تدريجيًّا وتنشأ الصّداقة فيما بينه وبينهم وسيتأثر سلوكه ويغدو- شيئًا فشيئًا- شيطانًا مثلهم.
وأنهى حواره بالإشارة  إلى قوله تعالى"أشدّاء على الكفار رحماء بينهم"، فلا بدّ من وجود الّلعن إلى جانب السّلام، ولا بدّ من إظهار التّبري والعداوة لأعداء الإسلام إلى جانب التّولّي لأولياء اللّه، فإذا  كنا بهذه الصّورة فنحن حسينيّون، وإلّا فإنه لا ينبغي أن نلصق أنفسنا بالحسين من دون استحقاق.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد