الشيخ محسن قراءتي
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). [ البقرة: 155]
الابتلاء سنّة الله تعالی في الخلق، حيث يخضع الجميع دون استثناء للابتلاء، ولکن لا يتساوی الجميع في التعرّض لنفس البلاء. إنّ العالم مختبر کبير، والبشر بما فيهم الأنبياء هم موضوع الاختبار. لا بدّ لنا أن نعلم نقطة مهمّة وهي أنّ هدف الابتلاء الإلهي ليس الاستيضاح أو رفع الغموض والجهل، بل إنّه للتربية والإصلاح وتنمية المواهب الإنسانية وإعدادها. وتشمل أدوات الابتلاء الحوادث المريرة والسارّة بما في ذلك الخوف والفزع والجوع والخسارة في الأموال والأرواح، ونقص الخيرات. فالخوف من الأعداء، والحصار الاقتصادي، والحرب والجهاد وإرسال فلذات الأکباد إلی جبهات القتال، کلّ هذه أمثلة للابتلاء الإلهي.
ومن أجل اجتياز امتحان الخوف من الأعداء بنجاح نحتاج إلی ذکر الله تعالی والتوکّل عليه، ولأجل رفع النقائص والاحتياجات، يلزم أن نتحلّی بالصبر والثبات، وهو ما أشارت إليه الآية، «اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلَوةِ». کما ذکرنا، ليس من الضروري أن يخضع جميع الناس لنفس الابتلاء، بل ربّما:
أ) يخضع کلّ واحد لابتلاء معيّن.
ب) قد يخرج المرء من ابتلاء معيّن مرفوع الرأس، بينما يفشل في ابتلاء آخر.
ج) أو قد يشترك الأفراد في ابتلاء معيّن.
أحياناً، يکون النقص في المال والخيرات أو التعرّض للخوف والفزع وسائر المشکلات الأخری من باب الابتلاء الإلهي، وأحياناً أخری، يکون ذلك جزاءً علی ما ارتکبه الإنسان من معاصٍ. إذ قد يجنح الإنسان في بعض الأوقات إلی ارتکاب المعاصي، فيبتليه الله ببعض البلايا من باب العقوبة والجزاء. يقول الإمام علي (عليه السلام) في ذلك: "إنّ اللّه يبتلي عباده عند الأعمال السيّئة بنقص الّثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب ويتذكّر متذكّر". [ نهج البلاغة، الخطبة 143]
طبعاً حتی هذا العقاب يندرج تحت عنوان الابتلاء، کما تندرج وفور نعم الله علی عبده بسبب إيمانه تحت هذا العنوان أيضاً، بمعنی أنّ الابتلاء يکون بالخير والشرّ؛ «لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا [الجنّ-16] «لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» [الجنّ، الآية 17].
لقد أنعم الله تعالی علی الصابرين بعدّة نعم نذکر من جملتها:
المحبة، «واللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» [سورة آل عمران: الآية 146]
النصرة، «إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» [سورة البقرة: الآية 153]
الجنّة، «يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا» [سورة الفرقان: الآية 75]
ثواب بغير حساب، «إِنَّمَا يُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» [سورة الزمر: الآية 10]
البشارة، «بَشِّرِ الصَّابِرِينَ».
وبالنسبة لسبل اجتياز الابتلاء الإلهي فهي:
أ) الصبر والمقاومة.
ب) اليقين بأنّ الحوادث والبلايا زائلة وعابرة.
ج) العودة إلی تاريخ الماضين لاستخلاص الدروس منه في کيفية تغلّبهم علی المصاعب واجتيازها.
د) أن يعلم المرء أنّ جميع البلايا والشدائد التي نعانيها هي بعين الله، أي إنّ لکلّ شيء حساباً.
ومن المناسب أن نذکّر هنا بمصيبة الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) في ولده الرضيع الذي فاضت روحه الطاهرة علی يده بسهام الأعداء، فتجرّع تلك الغصّة وفوّض أمره إلی الله وقال عبارته الرائعة: "هَوِّن علیّ ما نزل بی انّه بعين اللّه". [بحار الأنوار، ج 45، ص 47]
التعاليم:
الابتلاء أو الامتحان سنّة کونية حتمية، «ولَنَبْلُوَنَّكُمْ».
المصائب تصقل روح المقاومة والثبات لدی الإنسان. فکثير من الخصال مثل الصبر، الرضا، التسليم، القناعة، الزهد، التقوی والورع، الحلم والإيثارية،... وغيرها تنجلي في مضائق الحياة، «وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ».
لم تذکر الآية الکريمة طبيعة البشارة، لذلك، فهي تشمل جميع أنواع البشارات الإلهية، «وبَشِّرِالصَّابِرِينَ».
محمد رضا اللواتي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد علي عباس الموسوي
د. سيد جاسم العلوي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الصبر والثبات في أيام الشدّة
سؤال عن أخلاق مرحلة (ما بعد الإنسانية)
كيف نواجه الأزمات والابتلاءات؟
رحلة إلى بلاد الألف ملّة
كيف نصنع البأس ونزيده؟ ابحثوا عن منابعه ومصادره
كيف نواجه العدوّ؟
فورة الانفعالات في مرحلة الطفولة واضطرابات الاكتئاب والقلق في مرحلة المراهقة
الحالة العامة في معسكر الأعداء (1)
ترتيب السُّور من حيث تاريخ النزول
لماذا يجب التركيز على الآخرة في التربية؟