مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد الرّويعي
عن الكاتب :
من مواليد عام 1994 القطيف، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة، يعمل كمهندس آلات دقيقة، صدر له ديوان (نافذة تطل على العرش) و (لا تكفّ المنايا عن الضّبح)

الشّعر الحديث شاهد على قتل الحسين عليه السّلام

القول: الكلام على التّرتيب، وأمّا الكلام فهو الجمل المتكيّفة بنفسها. (لسان العرب)

 

الشّعر الحديث ليس مجرّد طريقة في الكتابة، بل هو طريقة في التّلقّي، إن للقصيدة نشأة تسبق كتابتها، تبدأ من التّبصرة بشكلها اللّطيف الجوهري، إلى نزولها في حالة التّكيّف ضمن شكلها المكتوب والمعتاد.

 

فالشّاعر لا يكتب قصيدته، بل يتذكّرها.

 

الشِّعر الحديث منطقة محدّدة للجمال، لا تصف الجمال فحسب، بل تلتهمه وما تحته، ليس امتدادًا زمنيًّا أو استحداثًا للقديم، بل هو كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "أنا أبدَأُ جديد".

 

وجود حيّ وطاقة لا تكفّ عن الكَرِّ لمقاومة الفناء. للشِّعر حركته التردُّدية بين مادّة الوجود والوجود الظاهر. وكربلاء، كوجود ظاهر لم تنفكّ عن التّماس بالشّعر لحظةً واحدة، كأنّها إبداعٌ إلهيّ قائمٌ بذاته.

 

"هو القَصِيدَةُ: حَيْثُ اللَّهُ فِي صَفَّةٍ.... حَمْرَاءَ لِلْعَرْشِ مِنْ بُطْنَانِهِ ارْتَجَلَهْ".

 

كربلاء، ساحة التقاء الـمُلك بالملكوت، لا تحتاج حتّى لتبصرة شعريّة، لأنّها مَجلى، والمجلى نهرف يغترف منه.

 

فهل يوجد لحظة شعريّة أعمق من وقوف العبّاس عليه السّلام ظامئًا، يتحسّس برودة الماء دون أن يشربه؟

 

صمتٌ يعرّي الماءَ

يُطلق زفرةَ التّكوين

يُنجبُ ألفَ دهرٍ يومُهُ

 

لا يمكنك أن تكفّ عن الاندهاش في كلّ مرة تتذكّر فيها الرّأس المقطوع، بعينين مفتوحتين، وثغر مقروح.

 

يتّخذ الرّمح الطّويل منبرًا له، ويتلو الكهف، وكلّما ابتعد الرّأس عن جسده، زاد انبعاثًا وحياةً.

 

بلى...

هو رمحك يا رأس فاصعد

صعود النّبيّ على المنبر

 

الشّعر الحديث هو مقدار الحركة في الثّابت.

 

هو التّيّار الجارف بين علّة ومعلولها، نبض مستمرّ في صدر مهشّم.

 

والحسين (عليه السّلام) هو القصيدة الكبرى التي لا تنتهي أبدًا، حيث يُسمع هدير الدّم عند صمت الرّماح.

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد