مقالات

حبّ الحسين (ع) وحبّ زيارته

عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) أنَّهُ قالَ: «مَنْ أرادَ اللَّهُ بِهِ الخَيرَ، قَذَفَ في قَلبِهِ حُبَّ الحُسَينِ (عليه السلام) وحُبَّ زِيارَتِهِ»[1].

 

فتحَ اللهُ تعالى لِخَلقِهِ في هذهِ الدُّنيا أبواباً كثيرةً منَ الخيرِ، ومنْ أعظمِها نعمةُ الهدايةِ، ونعمةُ أولياءِ اللهِ في الأرضِ، الذينَ بهِم يُهتَدى منَ الضَّلالةِ والعمى. والأئمَّةُ (سلامُ اللهِ عليهم) مناراتُ الهدى في حياتِهِم وبعدَ شهادتِهِم، وتشكِّلُ الشهادةُ المُفجعةُ للإمامِ الحسينِ (عليه السلام) مَعلَماً عظيماً منْ معالِمِ الهدايةِ؛ فبها استقامَ دينُ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، وهذا أعظمُ خيرٍ ترتَّبَ على شهادتِهِ، وكما وردَ في زيارةِ الأربعين للإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «فَأعذَرَ فيِ الدُّعاءِ، وَمَنَحَ النُّصحَ، وَبَذَلَ مُهجَتَهُ فيكَ؛ لِيَستَنقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وَحَيرَةِ الضَّلالَةِ»[2].

 

ولذلكَ تَتَمَظْهَرُ في زيارتِهِ (عليه السلام) وجوهٌ كثيرةٌ منَ الخيرِ، منها:

 

إحياءُ هذا الدِّين: وتثبيتُ العقيدةِ الصحيحةِ في نفوسِ الناسِ، فقدِ احتوَت نصوصُ الزياراتِ على تمجيدِ اللهِ وتسبيحِهِ وتنزيهِهِ، بما يُعزِّزُ ثقافةَ التوحيدِ، باعتبارهِ الركيزةَ الأولى لهذا الدِّينِ الإلهيِّ. وكذلكَ احتوَت على سلسلةِ الهدايةِ المرتبطةِ بمسارِ النبوّةِ منْ لدُنْ آدمَ إلى خاتمِ الأنبياءِ (صلواتُ اللهِ عليه وعليهم)، فهوَ وارثُ الأنبياءِ، وفي زيارةِ الأربعين وردَ: «أعطَيتَهُ مَواريثَ الأنبِياءِ»[3].

 

الارتباطُ بالمعصومين: وهُمْ عِدلُ الكتابِ الكريمِ، وبأمرِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) لا بُدَّ منَ التمسُّكِ بهما معاً، فهوَ بابُ النجاةِ، وهذا أعظمُ خيرٍ يصلُ إلى الإنسانِ، ونقرأُ في زيارةِ الأربعين: «وَأشهَدُ أنَّكَ الإمامُ البَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الهادِي المَهدِيُّ، وَأشهَدُ أنَّ الأئِمَّةَ مِنْ وُلدِكَ كَلِمَةُ التَّقوى وَأعلامُ الهُدى وَالعُروَةُ الوُثقى، وَالحُجَّةُ على أهلِ الدُّنيا، وَأشهَدُ أنّي بِكُم مُؤمِنٌ وَبِإيابِكُم، مُوقِنٌ بِشَرايِعِ ديني وَخَواتيمِ عَمَلي»[4].

 

مغفرةُ الذنوب: ففضلاً عنْ كونِ الزيارةِ سبباً في غفرانِ الذنوبِ، فقدْ خصَّ المعصومونَ (عليهم السلام) زُوَّارَ الحسينِ (عليه السلام) بالدعاءِ، عنْ معاويةَ بنِ وهبٍ قالَ: اسْتَأْذَنْتُ على أبي عبدِ اللهِ (عليه السلام)، فقيلَ لي: ادخُلْ، فدخلتُ، فوجدتُهُ في مُصلَّاهُ في بيتِهِ، فجلستُ حتَّى قضى صلاتَهُ، فسمِعتُهُ يُناجي ربَّهُ، وهوَ يقولُ: «اللّهُمَّ، يا مَنْ خَصَّنا بالْكَرامَةِ، وَوَعَدَنا بالشَّفاعَةِ، وَخَصَّنا بالوَصيَّةِ، وأعْطانا عِلمَ ما مَضى وعِلمَ ما بَقيَ، وَجَعَلَ أفْئدَةً مِنَ الناسِ تَهْوِي إلَيْنا، اغْفِرْ لي ولإخْواني وَزُوَّارِ قَبْرِ أَبِيَ الحُسَينِ، الَّذينَ أنْفَقُوا أموالَهُم وأشخَصُوا أبْدانَهُم رَغبةً في بِرِّنا، وَرجاءً لِما عِندَكَ في صِلَتِنا، وسُروراً أَدخَلوهُ على نَبِيِّكَ، وَإجابةً مِنهُمْ لأمْرِنا، وَغَيظاً أَدخَلُوهُ على عَدُوِّنا، أرادُوا بذلكَ رِضاكَ»، فما زالَ يدعو (عليه السلام) وهوَ ساجدٌ بهذا الدعاءِ، فلمّا انصرفَ، قلتُ: جُعِلتُ فِداكَ، لو أنَّ هذا الذي سمعتُ منكَ كانَ لِمَنْ لا يَعرفُ اللهَ عزَّ وجلَّ، لَظننتُ أنَّ النارَ لا تَطعَمُ منهُ شيئاً أبداً! فقالَ: «يا معاويةُ، مَنْ يدعو لزُوَّارهِ في السَّماءِ، أكثرُ ممَّن يدعو لهُم في الأرضِ»[5].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شبكة المعارف الإسلامية

[1] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص142.

[2] الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام‏، ج6، ص113.

[3] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص228.

[4] الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام‏، ج6، ص114.

[5] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص116.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد