مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ فوزي آل سيف
عن الكاتب :
من مواليد سنة «1379 هـ» في تاروت ـ القطيف، درس المرحلة الابتدائية في تاروت وهاجر للدراسة الدينية في الحوزة العلمية بالنجف ـ العراق سنة 1391 هـ. التحق في عام 1394 هـ، بمدرسة الرسول الأعظم ودرس فيها الأصول والفقه وتفسير القرآن والتاريخ الإسلامي والخطابة والأدب، في عام 1400 هـ هاجر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران وشارك في إدارة حوزة القائم العلمية في طهران، ودرّس فيها الفقه والأصول والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وأكمل دراسة المنهج الحوزوي في الفقه والأصول. انتقل لمتابعة دراساته العالية إلى قم في بداية عام 1412 هـ ودرس البحث الخارج، عاد في نهاية عام 1418 هـ إلى وطنه القطيف. صدر له عدد من المؤلفات منها: "من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات، نساء حول أهل البيت، الحياة الشخصية عند أهل البيت، طلب العلم فريضة، رؤى في قضايا الاستبداد والحرية، صفحات من التاريخ السياسي للشيعة" وغير ذلك..

الأسرة بين العفاف والخيانة الزوجية

موقع العفاف كمفهوم يعتبر في الدرجات العالية ليس فقط في مقياس الأخلاق بل حتى بالقياس للعبادات.. فقد اعتبر كما في الروايات: أفضل العبادة، كما في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: أفضل العبادة شيء واحد، وهو العفاف.. وأحب العفاف إلى الله عفاف البطن والفرج.. وفي الصحيح، عن أبي بصير قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السلام: إني ضعيف العمل، قليل الصيام، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالاً، قال فقال له: وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج.

 

وإذا كان لكثير من الذنوب، كالسرقة، وأكل الحرام، والزنا، منشأ هو الحرص ومد اليد أو النظر أو التطلع إلى الشهوة المحرمة، فإن منشأ ما يقابلها من الأمانة والامتناع عن الحرام، وعدم القرب من الزنا ينتهي إلى العفاف.. في الحياة الزوجية والأسرية، يلعب العفاف الدور الأكبر في حفظ الأسرة من التصدع.. فإنه أفضل ما تتحلى به المرأة (الزوجة..) وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.. واعتبر النبي صلى الله عليه وآله هذا النمط من النساء ممن يستحق أن يكنز!!، فقد روي أنه لما نزلت آية: الذين يكنزون الذهب والفضة.. قال: ألا أخبركم بخير ما يكنز؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته!

 

وهناك علاقة تبادلية: وجدلية (مؤثرة ومتأثرة) بين عفاف الزوجة وعفاف الزوج، ولهذا وجه للزوج الحديث (عفوا تعف نساؤكم) وأنه (كما تدين تدان) وهو أمر ليس بالغيبي بالضرورة بل هو قانون اجتماعي.. في الحديث عن النبي  تزوجوا في آل فلان فإنهم عفوا فعفت نساؤهم).

 

بيئة العفاف الاجتماعي

 

تأتي التوجيهات الاجتماعية لتخلق تلك البيئة بدءًا من قضية التفكير والهم والنية: ففي الخبر الصحيح وفي الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اجتمع الحواريون إلى عيسى عليه السلام فقالوا له: يا معلم الخير أرشدنا فقال لهم.. إن موسى نبي الله أمركم أن لا تزنوا وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلاً أن تزنوا فإنه من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت.

 

وعن أبي حمزة قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) فجاءه رجل فقال: يا أبا محمد إني مبتلىً بالنساء فأزني يوماً وأصوم يوماً فيكون ذا كفارةً لذا، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): «إنه ليس شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يطاع فلا يعصى فلا تزني ولا تصوم» فاجتذبه أبو جعفر (عليه السلام) إليه فأخذه بيده فقال: «تعمل عمل أهل النار وترجو أن تدخل الجنة».

 

الحجاب والتستر

 

والغرض منه منع إثارة الشهوة، ويقابله بالنسبة للرجل لزوم غض البصر، لا أن يقول البعض انظر إلى فلان شيء منها ظاهر، وهو يدقق في ذلك ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون﴾ .. الحجاب هو إعلان التزام، وينبغي أن يكون تصادقًا بين الإعلان وبين المعلن عنه.. الحجاب غرضه ما قاله القرآن ﴿...ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ... ﴾، ﴿...أَزْكَىٰ لَهُمْ... ﴾.

 

الخطأ الذي يحدث أحيانًا هو الانشغال بالحديث المفصل عن العنوان والإعلان، بينما يضيع المعلن عنه.. كم طول العباءة؟ وهل هي فوق الرأس أو تحته؟ لكن الأهم أنها إعلان عن الالتزام وأنني امرأة عفيفة! الحجاب دعوة اجتماعية، وتبليغ متنقل.. فلا ينبغي أن يخالف ما وضع له.. لو أن شخصًا أخذ معه لافتة تقول أنا ملتزم، لكان ذلك شيئًا ممجوجًا، لكن المرأة المحجبة تصنع ذلك بحجابها بلطف.

 

قلة المراقبة لله عز وجل

 

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «سألت رسول الله صلَّى اللَّه عليه وآله سلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندًّا، وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم، ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾. 

 

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لن يعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيًّا أو إمامًا، أو هدم الكعبة التي جعلها الله عز وجل قبلة لعباده أو أفرغ ماءه في امرأة حرامًا.

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد